أفلام شوهت صورة العربي وتعرضت لشعوب أخرى
كتب الدكتور جاك شاهين مقالا عنوانه "العربي كما تراه هوليوود" في العدد رقم 353 من مجلة العربي الكويتية شهر ابريل عام (1988) لقد ذكر في المقال ان الايحاء الفكري في الوسائل الفنية كالافلام تنطبع في أذهان المشاهدين ولا يرون غير تلك الصور وان ثبت بطلانها. استاذ التاريخ والدراسات الافرو امريكية، البروفيسور جوزيف بوسكن من جامعة بوسطن يقول: "ان الصورة الذهنية المبسطة للانسان تعلق بالذاكرة، وتزداد ترسيخا كلما تكرر عرضها ولا يؤثر فيها تغيير الزي او المظهر الخارجي لصاحبها، فان الصورة الذهنية لمجموعة من الاشخاص او لقضية من القضايا او لحادثة من الحوادث لا تلبث ان تتغلغل الى الاعماق وتترك اثرا كبيرا في في التصرف السلوكي للانسان الذي انطبعت في ذهنه".. مثل الافلام التي صورها حلفاء الحرب العالمية الثانية للالماني بانه شخصية غبية مغفلة. كما تناولت الافلام الشخصية الروسية بصورة الانسان الشره العنيف والاكول مثال تلك الدعاية التي عرضتها شركة (ويندي) لمنتجات الهمبورجر حتى عام 1985 وهي تعرض امرأة روسية بدينة ترتدي ملابس روسية مضحكة وهي تتناول بنهم الهمبورجر الامريكية. واحتج الروس على عدة افلام كما احتج الالمان وبقي العرب دون ان تحتج اية حكومة فيهم ولم تعترض الجامعة العربية التي تمثل الحكومات العربية المستقلة وبقي العربي في الافلام الغربية ذلك الانسان المتوحش الباحث عن الجنس والمحتفظ بالعديد من النساء كما يصوره ايضا الادب العربي وتاريخه حيث تسلط الاضواء على جوانب اللهو والمجون عند خلفائهم وتحجب الجانب الايجابي.. ومع الاسف ما زالت ادبيات العرب ترى في الف ليلة وليلة ومجون أبي نواس وغيره من اساسيات الفكر الادبي وعندما تقتبس دول الغرب هذه الصور المزرية للفكر العربي فحجتها انها من الواقع الادبي العربي ولكن يفترض ان يكون لرجال السياسة والرسميين رأي في رفض تشويه الصورة العربية. في الجانب الآخر أعرب الرسميون الروس عن استهجانهم وعدم رضاهم عن عدة افلام امريكية منها فلم (الفجر الاحمر) و(الليالي البيضاء) و(رامبو) و(غزو الولايات المتحدة الامريكية) و(روكي 4) هذه الافلام تظهر الروس بأنهم اعداء ألداء للولايات المتحدة الامريكية. وهناك من الشعب الامريكي من يرفض هذه الانتهاكات وهذا التناول العدائي للشعوب الاخرى، لقد وافقت شبكة البث (اي بي سي) على عدم بث حلقات مسلسل (امريكا). وفي امريكا ايضا من يرفض الاستمرار في تصوير الامريكي بالرجل الذي لا مثيل له في القوة والذكاء واعتبار الاسيوي وخاصة الفيتنامي الذي عبرت الجيوش الامريكية اعالي البحار لتحارب شعبه بانه غبي ولم تسلم اليابان من الافلام الكثيرة التي كانت تستهجن الشعب الياباني وانه محارب شرس ولكنه ينهزم بسهولة أمام المحارب الامريكي. وأخذ الاعلام أخيرا يسلط الاضواء على الشخصية العربية الدموية المحبة لسفك الدماء وايذاء الشعوب المتحضرة وذلك من خلال المسلسلات. وسيكون لها نشاط مصاحب في الافلام. فيلم امريكي قديم رأيته في تلفزيون مملكة البحرين قبل شهر يقول فيه الممثل للممثلة سوف نفجر المركز التجاري ونتهم المسلمين بذلك.. ورأيته في فضائية دولة عربية وقد حذفت منه هذه الفقرة. وأفلام الرعب الامريكية هي مدرسة للارهاب حيث ترى فيها اسلحة تقلب الارض جحيما سواء بالاسلحة التقليدية او الخيالية. والخيال يوحي بالواقع سواء كان يسعى الى السلم او الحرب والدمار.. هكذا حتى انتشرت افلام الرعب بالعروض السينمائية والعروض في الانترنت وفي اجهزة المشاهدة الخاصة.. وحول تشويه صورة العربي فقد تفاقمت مع حملة مدروسة بحيث يتحول هذا الانسان الشرس والمندفع نحو ملذاته الى وحش كاسر يدمر الآخرين بعمليات ارهابية تنال الآخرين، وجاءت حقبة الثمانينات من القرن العشرين لتتزاحم فيها الافلام المهاجمة للعرب لاخراجهم من نطاق الحضارة. اشار الدكتور جاك شاهين في مقاله (العربي كما تراه هوليوود) الى كتاب باسم "آلة التصوير" للكاتبين دوجلاس كيلز ومايكل رايان في سنة 1988 حيث وردت في الكتاب هذه الفقرة: ان التصوير العنصري للعرب بانهم جماعة من الاثرياء الجشعين في الافلام التي يصوّرون فيها العرب، ويشعر المشاهد كأن العرب هم الملومون عن كل المشاكل الاقتصادية في هذا العصر، وهناك العديد من الافلام السياسية المثيرة، تصور العرب على انهم جماعات من الارهابيين الذين يقتلون ضحاياهم الابرياء بدم بارد، وانهم يفتقرون الى المشاعر الانسانية، ويظهرون بدور الاوغاد في افلام هوليوود. وقامت بعض الافلام العربية بتقليد اعمى للافلام الامريكية باظهار الشخص العربي وهو يرتدي ملابس رثة لا تمثل الزي العربي بل تضع على رأسه قطعة قماش مربعة يشدها حبل.. فاذا كانت الافلام الامريكية وراءها مخطط صهيوني لتشويه صورة العربي فمن يكون وراء الافلام العربية وهي تمسخ صورة العربي علما ان مصر تمتلك قلعة شامخة في صناعة الافلام، وقادرة على الدفاع عن العرب وعدم مجاراة الافلام الساخرة بالعرب. يعلم المخرجون والسينمائيون العرب ان الافلام التي تنال من العرب تستهدفهم جميعا. وليتأملوا فلم (جوهرة النيل) انتاج عام 1985 فكرته صراع العرب مع بعضهم وخلافاتهم الطاحنة، الحاكم في الفيلم هو (عمر خليفة) يحاول ان يدعو امريكية جميلة لقصره على النيل وتقوم بهذا الدور (كاثلين تيرنر) وينتهي فيلم (جوهرة النيل) بوصف العرب لصوصا وانهم المزابل القائمة في العالم الثالث تدب فيها الحياة.. هكذا يخطط لمسخ العربي في افلام خيالية بعيدة عن الواقع ولكنها تنال اهدافها. الوطن الكويتية