سمعت منذ الصغر، عن جبل شدا بمنطقة الباحة. سمعت أساطير وقصصا. سمعت عن شجرة (بن) هذا الجبل. شريت من ثمره عام (1995م). من سوق السبت بمدينة بلجرشي. من سيدة طاعنة في السن. كانت تشتكي قسوة ظروف زراعته، وتعب حصاده، وصعوبة تسويق حباته. تعاطفت معها فاشتريت الكمية المحدودة المعروضة أمامها.
سمعت عن إنسان هذا الجبل الأسطوري. عشت قصة (عبدالرحمن) الذي أصبح في كبره (الشدوي). عاش شابا ورجلا في قرية أخوالي. لم يفصح عن نفسه. كان يعمل في الحقول الزراعية مع رجالها. عرفته في ستينيات القرن الماضي الميلادي. في ساعة تفاهمات غير بريئة، لكزه أحدهم بكلمة أنه غير سعودي. غاب شهورا ورجع إليهم بهوية، أثبتت أنه من شدا.
عرفت من هذه الزيارة، وبعد كل هذه السنين، سر هجرات أبناء هذا الجبل. أخذهم طوفان الهجرة حتى وصلوا الهند واستوطنوا. لكن لم أسمع عن تاريخ الجبل الذي يحمل الأسرار. هل تم حجبها عنوة؟
حديثي يستمر عن رحلتي إلى تهامة، بتاريخ (1 أبريل 2019). حيث ختمتها بزيارة لبيئة جبل شدا الأعلى. فهل سيكون ختامها مسكا، كما تقول العرب؟ وهي التي حذرت من الخطوتين الأولى والأخيرة. خطوتان لهما محاذير. هكذا تتعلم العرب من كل خطواتها عبر التاريخ.
رحلتي بدأت فجرا. لكنها انتهت بصلاة المغرب، في مسجد منتزه، يقع أسفل الجبل. لم تشغلني أسئلتي الاستثنائية عن صلاتي. كانت رهبة التساؤلات تعطي السكينة والهدوء والوقار. حالة حرّكت ركود التأمل والتفكير والتحليل والاستنتاج. تحوّل عصفها إلى خشوع طغى على كل شيء. أمام المسجد استقر المزاج بكأس ورقي من الشاي.
في ضيافة الدكتور (قشاش)، تناولت غداء ذلك اليوم، في مطعم بمدينة المخواة. كانت سمكة صغيرة أشبعتني. مع أذان العصر توجهنا نحو الهدف. كانت زيارتي الأولى لجبل شدا الأعلى. سلكنا طريقا اسفلتيا متعرجا، جعلني أتساءل عن الطرق القديمة.
هناك جبلان. شدا الأعلى وشدا الأسفل. ولأن الوقت محدود، اختار صاحبي (قشاش) شدا الأعلى. في الطريق الصاعد نحو السماء، وعلى طول ارتفاع يزيد عن (2200) متر عن سطح البحر، تتفاجأ بجلاميد صخور من الجرانيت، استثنائية الحجم والشكل. موزعة بشكل مثير وعشوائي على امتداد سفح الجبل، ويتزاحم بعضها في خط سير واحد. كأنها كانت محمولة إلى جهة ما، ثم توقف بها الزمن فجأة في مكانها.
سألني صاحبي: هل تعرف سر تواجد هذه الجلاميد الصخرية بعيدا عن رأس الجبل؟ أجبته بالنفي، رغم علمي الدفين بالجواب الذي غاب عني. عندما قدم إجابته، تذكرت فلما وثائقيا، عن جلاميد موقع عالمي مشابه. شرح صاحبي بذكاء وأسهب. ملخص القول، أنها كانت محمولة بكتل الثلج في العصر الجليدي. حيث توحلت إلى ما يشبه السفن. ورست بها الأقدار في أماكنها الحالية بعد ذوبان الجليد. وقد يكون لدي تفسير آخر غير مألوف.
وجدت الجبل بناء صخريا من جلاميد متناثرة، مختلفة الوزن والحجم والشكل. وأخرى ثابتة بعمق لا تراه. وجدته موقعا حصينا. كأنه يحرس مدينة المخواة. شاهدت أكبر الصخور قاطبة، تحتل موقعا نافرا يتحدى سهول تهامة. صخرة ذكرتني بصخرة جبل (راشمور) في ولاية داكوتا الأمريكية. وقد جعلت منها عقول أمريكا وجهة سياحية عالمية.
بالمقارنة وجدت أن صخرة شدا أكثر خطورة، وأعظم وزنا وحجما وأهمية. لو تشطح الخطوة بصاحبها فسيطير في الهواء، ويهوي إلى سهول تهامة على بعد يقطع الأنفاس. منظر مرعب لأمثالي. إنه موقع، وصخرة، وبيئة خارج المألوف، وخارج حسابات الاستثمار، والتنمية السياحية. وللحديث بقية.
سمعت عن إنسان هذا الجبل الأسطوري. عشت قصة (عبدالرحمن) الذي أصبح في كبره (الشدوي). عاش شابا ورجلا في قرية أخوالي. لم يفصح عن نفسه. كان يعمل في الحقول الزراعية مع رجالها. عرفته في ستينيات القرن الماضي الميلادي. في ساعة تفاهمات غير بريئة، لكزه أحدهم بكلمة أنه غير سعودي. غاب شهورا ورجع إليهم بهوية، أثبتت أنه من شدا.
عرفت من هذه الزيارة، وبعد كل هذه السنين، سر هجرات أبناء هذا الجبل. أخذهم طوفان الهجرة حتى وصلوا الهند واستوطنوا. لكن لم أسمع عن تاريخ الجبل الذي يحمل الأسرار. هل تم حجبها عنوة؟
حديثي يستمر عن رحلتي إلى تهامة، بتاريخ (1 أبريل 2019). حيث ختمتها بزيارة لبيئة جبل شدا الأعلى. فهل سيكون ختامها مسكا، كما تقول العرب؟ وهي التي حذرت من الخطوتين الأولى والأخيرة. خطوتان لهما محاذير. هكذا تتعلم العرب من كل خطواتها عبر التاريخ.
رحلتي بدأت فجرا. لكنها انتهت بصلاة المغرب، في مسجد منتزه، يقع أسفل الجبل. لم تشغلني أسئلتي الاستثنائية عن صلاتي. كانت رهبة التساؤلات تعطي السكينة والهدوء والوقار. حالة حرّكت ركود التأمل والتفكير والتحليل والاستنتاج. تحوّل عصفها إلى خشوع طغى على كل شيء. أمام المسجد استقر المزاج بكأس ورقي من الشاي.
في ضيافة الدكتور (قشاش)، تناولت غداء ذلك اليوم، في مطعم بمدينة المخواة. كانت سمكة صغيرة أشبعتني. مع أذان العصر توجهنا نحو الهدف. كانت زيارتي الأولى لجبل شدا الأعلى. سلكنا طريقا اسفلتيا متعرجا، جعلني أتساءل عن الطرق القديمة.
هناك جبلان. شدا الأعلى وشدا الأسفل. ولأن الوقت محدود، اختار صاحبي (قشاش) شدا الأعلى. في الطريق الصاعد نحو السماء، وعلى طول ارتفاع يزيد عن (2200) متر عن سطح البحر، تتفاجأ بجلاميد صخور من الجرانيت، استثنائية الحجم والشكل. موزعة بشكل مثير وعشوائي على امتداد سفح الجبل، ويتزاحم بعضها في خط سير واحد. كأنها كانت محمولة إلى جهة ما، ثم توقف بها الزمن فجأة في مكانها.
سألني صاحبي: هل تعرف سر تواجد هذه الجلاميد الصخرية بعيدا عن رأس الجبل؟ أجبته بالنفي، رغم علمي الدفين بالجواب الذي غاب عني. عندما قدم إجابته، تذكرت فلما وثائقيا، عن جلاميد موقع عالمي مشابه. شرح صاحبي بذكاء وأسهب. ملخص القول، أنها كانت محمولة بكتل الثلج في العصر الجليدي. حيث توحلت إلى ما يشبه السفن. ورست بها الأقدار في أماكنها الحالية بعد ذوبان الجليد. وقد يكون لدي تفسير آخر غير مألوف.
وجدت الجبل بناء صخريا من جلاميد متناثرة، مختلفة الوزن والحجم والشكل. وأخرى ثابتة بعمق لا تراه. وجدته موقعا حصينا. كأنه يحرس مدينة المخواة. شاهدت أكبر الصخور قاطبة، تحتل موقعا نافرا يتحدى سهول تهامة. صخرة ذكرتني بصخرة جبل (راشمور) في ولاية داكوتا الأمريكية. وقد جعلت منها عقول أمريكا وجهة سياحية عالمية.
بالمقارنة وجدت أن صخرة شدا أكثر خطورة، وأعظم وزنا وحجما وأهمية. لو تشطح الخطوة بصاحبها فسيطير في الهواء، ويهوي إلى سهول تهامة على بعد يقطع الأنفاس. منظر مرعب لأمثالي. إنه موقع، وصخرة، وبيئة خارج المألوف، وخارج حسابات الاستثمار، والتنمية السياحية. وللحديث بقية.