كلمة اليوم

تهاوى الريال الإيراني إلى أدنى مستوى صرف له منذ سبعة أشهر، واضطربتْ المواقف السياسية الصادرة من طهران، ما بين الادعاء بأن وصول حاملة طائرات أمريكية جديدة وقاذفات متطورة إلى مياه الخليج إنما هو مجرد حرب نفسية، إلى إعلان استئناف نشاطات نووية مجددا، وصولا إلى تهديد الدول الأوروبية بتقليص التزاماتها تجاه الاتفاق النووي الذي يفترض أنه لا يزال ساري المفعول مع الدول الخمس، وعلى صعيد آخر راجتْ بعض الأنباء غير الرسمية أن إيران قد بدأت فعلا عمليات تهريب النفط عبر حدودها مع أفغانستان، فيما يخيم القلق على الأسواق المحلية في الداخل الإيراني، وتتصاعد الرؤية التشاؤمية عبر شريحة واسعة من المواطنين هناك، والذين بدأوا يستشعرون حماقة ما آلت بهم إليه سياسات العقول المعممة بغرور اللحظة التي توهمتْ فيها السلطات الإيرانية أنها حينما وقعت الاتفاق النووي مع الإدارة الأمريكية السابقة، إنما هي بذلك قد دخلتْ نادي الكبار، وأنها بالتالي لا يمكن أن تسأل عما تفعل، وقد استمرأ إعلام الممانعة والمقاومة المزعومة هذا التوصيف للسلطة الإيرانية، وتحديدا إعلام حزب الله والقنوات اللبنانية الممولة من إيران، فتغنت بما عدّته حينها مجدها التليد بانتصار إيران على أمريكا والخمس زائد واحد، حتى بلعت طهران الطعم فيما يبدو، وشعرتْ أنها باتت خارج توصيف العالم الثالث، وبهذا يكون رأسها برأس القوى الكبرى، وحتى عندما بدأت إدارة الرئيس ترامب في مراجعة الاتفاق النووي، وطالبت بإعادة صياغة بعض بنوده، ظلت طهران تستخدم نفس اللغة التي لا تخلو من التهديد على اعتبار أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن تعهداتها، ولم يستوعب الملالي الموقف، وإنما ظلوا يكابرون ببرنامجهم النووي الذي جعلهم طرفا مقابل ستة أطراف دولية من بينها الولايات المتحدة، إلى أن بدأ تفعيل الجرعة الثانية من العقوبات في الثاني من الشهر الجاري، والتي عصفتْ بعهن إيران المنفوش، ودفعتها للشعور بالتيه لتلجأ تارة إلى تهديد أوروبا، وأخرى إلى تهديد الإمدادات النفطية العالمية بإغلاق هرمز، وثالثة باستيهامات الحرب النفسية.

والآن، لم يعد بوسع أحد أن يعيد اللعبة إلى مربعها الأول لأن الولايات المتحدة أبدت بما لا يدع مجالا للشك عزمها الأكيد على قطع اليد الإيرانية التي تمول الإرهاب في المنطقة، بعد أن كابرت طهران ببرنامجها النووي فغصّتْ بعقوباته ووقعتْ في شر أعمالها لتبدأ حرب التصريحات الغوغائية المتضاربة!.