فهد السلمان

الذي أخذ قرار فرض الرسوم على لوحات المحلات والمتاجر، وتبناه بصيغته القائمة والمبالغ فيها من حيث الرسوم المالية، ليس معنيا بجماليات المدن، ولا بقضية التشوه البصري الذي طالما ناضل الأمير سلطان بن سلمان إبان رئاسته هيئة السياحة من أجل محاصرته، ومنعه، حماية للأعين من المشاهد غير المرغوبة. أقول: الذي أخذ هذا القرار ليس مشغولا بالمظهر العام ولا بالذوق العام قدر عنايته بجمع المال للأمانات والبلديات، بدليل ما هو حاصل الآن، حيث تخلّت الكثير من المتاجر عن لوحاتها التعريفية التي تحمل اسم المحل وهويته «اليافطات»، واستبدلتها بلوحات صغيرة لا تتجاوز مساحتها 50 سم × 50 سم بحيث لا يمكن تمييزها إلا من مسافة قريبة جدا، مع بقاء قاعدة اللوحة الأصلية كما هي مما شوّه واجهة الكثير من المتاجر والشوارع التي كانت تلك اللوحات فيما مضى جزءا من زينتها، حيث كان أصحابها يتفننون في إبداع لوحات متاجرهم من باب لفت الأنظار لاجتذاب الزبائن، قبل أن تغالي الأمانات والبلديات في فرض رسوم اللوحات التي تزيد مساحتها عن نصف المتر، في الوقت الذي كنتُ أعتقد فيه أن هذه الجهات هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن تجميل المدن، وأنها ربما تعاقب بأنظمتها من قد يتسبب في تشويهها، وإذا بها تضرب صفحًا عن كل هذا لتهتم فقط بجني محصولها من أمتار اللوحات بصرف النظر عن أولئك الذين يعتقدون أن هذا القرار فيه ما فيه من مشاركة البلديات لهم في أرباحهم، خاصة وأن هذه اللوحات ليست خدمة تقدمها الأمانة والبلدية وتستاهل عليها بالتالي مقابلا ماليا، وبعضهم يقول: إن مردود عمل متجره بالكاد يغطي الايجار فضلا عن رسوم الكهرباء والماء مضافا إليها رسوم اللوحة المعلقة على الجدار.

معظم مدن العالم تعتمد في إضاءة شوارعها على لوحات المحلات والمتاجر، حتى أنك قد لا ترى عمود إنارة إلا عند منعطف أو ما شابه ذلك من المواقع التي فيها مخاطر مرورية، أما ما تبقى فهي مضاءة بـ«يافطات» المتاجر التي تضيف للمكان رونقا وبهاء، وهذا ما يدعوني كمواطن أقسم أني لست من بين أصحاب المتاجر، وإنما أظن أن من حقي أن أطالب بإيقاف هذا التشوه البصري الذي سببته الرسوم المرتفعة، لأسأل وزارة البلديات، والتي يبدو أن قرارها هذا، قد يطبق بصرامة في منطقة دون أخرى بدليل التفاوت في حجم «مقالع اللوحات» من مدينة لأخرى: هل يساوي ما تجنونه من الرسوم قيمة هذا التشويه المفتعل ؟، وسأقبل بضميركم.