محمد العصيمي

كل الدول ذات العلاقة بالتصعيد الأخير في منطقة الخليج، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تعلم ماذا تريد. إيران وحدها بحسب تصريحات أركان إدارتها السياسية، من المرشد إلى جواد ظريف، تقول إنها لا تريد الحرب ولا تريد المحادثات أو المفاوضات فماذا تريد إذن؟ حيث تعلم أنه لا يوجد خيار ثالث في مثل هذه الأزمات.

أعتقد أن إيران ترغب بشدة في الخيار الثاني، أي المحادثات، وترسل من تحت الطاولة رسائل عديدة للأمريكيين في اتجاه هذا الخيار، لكن على طريقتها الخاصة في اللعب على الحبلين، حبل الدبلوماسية السرية الذي تقدم من خلاله تنازلاتها، وحبل الإعلام الذي تمارس فيه عنترياتها.

إيران تعرف ماذا تعني مواجهة الولايات المتحدة عسكرياً، وتجربة عراق صدام قريبة جداً منها وتعي تماماً كل تفاصيلها ونتائجها المدمرة. ما فعلته إلى الآن، وما قد تفعله لاحقاً من الاعتداء على ناقلات وسفن تجارية وطائرات مسيرة، وما إلى ذلك من أعمال على طريقة اضرب واهرب، هو فعل يائس تتصور أنه يُحسن من وضعها على طاولة المفاوضات التي يوجد عليها شروط أمريكية واضحة وحاسمة، لا سيما فيما يتعلق بالسلاح النووي والصواريخ الباليستية وزعزعة أمن واستقرار المنطقة.

إذن نحن نعرف ماذا تريد إيران في هذه المرحلة الصعبة من تاريخها الحديث. هي تريد الحفاظ على ماء وجهها في كل الملفات التي لم تعد قابلة لتسامح أمريكا وحلفائها مند مجيء إدارة الرئيس ترامب. ولأن أمريكا وحلفاءها غير مستعجلين، لا للحرب ولا للمفاوضات، فستظل إيران، المخنوقة اقتصادياً، تناور بهذه الاحتكاكات والتهديدات إلى أن ترضخ في النهاية وتأتي إلى طاولة المفاوضات في حال أضعف مما هي عليه الآن، ما يجعلها تقبل كل الشروط وربما، أيضاً، توضع أمامها شروط جديدة لم تكن في حسبانها.