المدن كالبشر، كل يولد بشخصيته المستقلة، وملامحه الفارقة، ومميزاته وسيئاته النسبية، حتى التوائم، يظل لكل واحد منهم فروقه الفردية، ولو كخطوط البصمة، التي تجعل لكل واحد منهم هويته المستقلة. جدة لا تشبه الرياض، والرياض ليست الخبر، والدمام ليست كالنماص، وتبوك ليس لها ملامح أبها، بل إن بلدات المدينة أو المنطقة الواحدة لا تماثل بعضها، لكننا بقصد العدالة في محددات التنمية وأدواتها، وأحيانا ضيق أفق القائمين على بعض المشاريع، نصر على أن نجعل منها كلها نسخا مكررة، حين نتجاهل خصوصياتها، وسماتها، وتقاطيع وجوهها، حين نصر على أن نعاملها حتى في معطيات المناخ كما لو كانت جغرافيا واحدة، دون أن نتحسس أن منها من تلوحه سياط الشمس فتشويه، ومنها من تخنقه رطوبة البحر فتعتم زجاجه، ومنها من يصعد إليها المطر، على ذمة حبيبنا المبدع، وصاحب «الحزام» أحمد أبو دهمان، ومنها أيضا من ينعس الهواء العليل في أفيائها، ومنها ومنها... إلى آخر تفاصيل التباين في الملامح.
لكن كل هذه السمات تم طمسها بوحدة الطابع العمراني، ورفض استسقاء التراث المحلي الذي لم يكن كله كما يتصور البعض وشما للفقر، وإنما كان ثمة جملة من الخبرات التراكمية، التي اشتغلت على هوية المكان، وطقسه، وبيئته، لتضع لها الحسابات، وتتعامل معها بكفاءة، أيضا تم طمس هذا التميز، وتلك الفردانية بوحدة أنماط المشاريع، حتى نماذج المدارس، رغم تباين المناخ، إلى أن بلغنا وحدة المجسمات الجمالية التي ارتبطت للأسف بجانب واحد، وهو الأواني، أو المواعين، باستثناء بسيط لمدينة جدة، حتى أصبحنا أمام مدن مستنسخة كفتيات «البوتكس والفيلر» لهن نفس الملامح. غير أن الأهم أننا ونتيجة لهذا السياق، لازلنا نصر كذلك «ومن باب العدالة» على أن كل مدننا تصلح لأن تكون مدنا سياحية، ومدنا للاصطياف، ومدنا للمهرجانات وهكذا، وبهذا نكون قد أغلقنا تماما باب الميز النسبية التي كان يُفترض أن نستثمر فيها تلك الفروقات والتنويعات بينها. ولو أننا قرأنا بعيون تنموية فاحصة هوية كل مدينة، وكل منطقة، ووجهنا التنمية فيها إلى المساق الذي توفره إمكاناتها الطبيعية والبيئية، وسحبنا هذه الهوية على مسار الجامعات التي تعمل فيها، بحيث تهتم بما يخدم بيئة وطبيعة المنطقة، لوصلنا إلى محصلتين، الأولى استثمار الإمكانيات القائمة في كل بيئة على حدة، بدلا من تشتيت الجهود لخلق مدن اصطياف في أجواء لاهبة، أو مدن سياحة فيما لا سياحة فيه، والثانية: خلق حالة من التنافس بين المدن لتجسيد هويتها كبصمة خاصة.
لكن كل هذه السمات تم طمسها بوحدة الطابع العمراني، ورفض استسقاء التراث المحلي الذي لم يكن كله كما يتصور البعض وشما للفقر، وإنما كان ثمة جملة من الخبرات التراكمية، التي اشتغلت على هوية المكان، وطقسه، وبيئته، لتضع لها الحسابات، وتتعامل معها بكفاءة، أيضا تم طمس هذا التميز، وتلك الفردانية بوحدة أنماط المشاريع، حتى نماذج المدارس، رغم تباين المناخ، إلى أن بلغنا وحدة المجسمات الجمالية التي ارتبطت للأسف بجانب واحد، وهو الأواني، أو المواعين، باستثناء بسيط لمدينة جدة، حتى أصبحنا أمام مدن مستنسخة كفتيات «البوتكس والفيلر» لهن نفس الملامح. غير أن الأهم أننا ونتيجة لهذا السياق، لازلنا نصر كذلك «ومن باب العدالة» على أن كل مدننا تصلح لأن تكون مدنا سياحية، ومدنا للاصطياف، ومدنا للمهرجانات وهكذا، وبهذا نكون قد أغلقنا تماما باب الميز النسبية التي كان يُفترض أن نستثمر فيها تلك الفروقات والتنويعات بينها. ولو أننا قرأنا بعيون تنموية فاحصة هوية كل مدينة، وكل منطقة، ووجهنا التنمية فيها إلى المساق الذي توفره إمكاناتها الطبيعية والبيئية، وسحبنا هذه الهوية على مسار الجامعات التي تعمل فيها، بحيث تهتم بما يخدم بيئة وطبيعة المنطقة، لوصلنا إلى محصلتين، الأولى استثمار الإمكانيات القائمة في كل بيئة على حدة، بدلا من تشتيت الجهود لخلق مدن اصطياف في أجواء لاهبة، أو مدن سياحة فيما لا سياحة فيه، والثانية: خلق حالة من التنافس بين المدن لتجسيد هويتها كبصمة خاصة.