عبدالرحمن إدريس - الدمام

تميزت قديما بمقوماتها الزراعية وكثرة المساجد

امتازت محافظة الأحساء بمكانة فريدة في الكثير من المجالات، حيث اكتسبت أهميتها زراعيا عبر تاريخ يمتد لأكثر من 5 آلاف عام، بسبب وفرة عيون الماء وخصوبة أراضيها، مما كان سببا في استيطانها خلال فترات ترجع إلى ما قبل الميلاد، فقد سكنها الكنعانيون في البدايات الأقدم، ثم الفينيقيون الذين اشتهروا بأعمال الري والزراعة التي تتناسب مع ظروف المنطقة.

فيما شهد القرن السابع قبل الميلاد نزوح الكلدانيين من أرض بابل سنة 694 ق.م، حيث أسسوا مدينة «الجرهاء» التي أقيمت على أنقاضها هجر «الأحساء» اليوم.

» التاريخ الحديث

يتجدد الحضور في الذاكرة المكانية للأحساء عبر المراحل الزمنية التي تحتفظ بمعالم الحضارات القديمة، فيما لا يغيب عن ذلك ما هي عليه في التاريخ الحديث على نحوٍ خاص، حيث مناشط الحياة، ثقافة وزراعة وبناء، في مدن رئيسية وأكثر من 20 قرية، والتي تعد أكبر واحات النخيل عالميا، إضافة إلى شهرتها في مجال الحرف اليدوية والمواقع الطبيعية والأثرية.

والحديث عن بعض الحالات المتميزة بمحافظة الأحساء، قرية «التهيمية» التي تحتضنها صخور جبل «القارة» وأشجار النخيل، ويعود تاريخها إلى قبل 800 عام، بما تحمله من إرث اجتماعي مختلف، وشهرتها بكثرة المساجد الأثرية.

» قرية المساجد

اشتهرت قرية «التهيمية» في القرنين الثامن والتاسع الهجريين باسم قرية «الأربعين مسجدا» لكثرة المساجد فيها، غير أنه لم يتبق منها سوى أقل القليل، من التي حظيت بعمليات الترميم، وتوضح الصور نماذج من هذا التراث العمراني، وقد بدت جمالياتها في نمط البناء والزخرفة الجصية، وهي تزيّن الواجهات والنوافذ في خطوط فنية رائعة، وهي تلك العناية الخاصة في الهندسة العمرانية منذ القديم، حيث كان السكان يبنون بيوتهم من صخور الجبل، كما عرفت هذه القرية قديما باسم «التيمية»، وفقا لمراجع موثقة تاريخيا.

» أسباب هجرتها

مساحة «التهيمية» التاريخية تختلف ما بين هضبة صخرية وأراضٍ مستوية مزروعة بالنخيل، وكان نزوح السكان من القرية متتاليا في الآونة الأخيرة لأسباب تتعلق بمخاطر زحف الرمال، وكذلك بحثا عن أماكن أفضل؛ نظرا لعدم الإقبال على الزراعة التي كانت تعتمد عليها القرية، إضافة لاختيار أهلها للوظائف الحكومية والأهلية أو في شركة أرامكو وغيرها خلال العقود السابقة، فيما يرى كثيرون أن هناك ما يلفت إلى واقع جديد حاليا في العودة إلى الاشتغال بالزراعة في هذه القرية، التي اشتهرت بإنتاج الأرز الحساوي، إضافة إلى جودة العديد من الصناعات الخوصية التي تميزت بها منذ القرن الماضي.