توقفت عن الإبحار بزورق الفكر في محيط الكتابة حيث عباراتي لعبت بها الأمواج، تراودني الأفكار الاجتماعية وأكتب المقدمة ثم أترك الفكرة، ثم أكتب فكرة أخرى ويصيبها العجز وأتركها حتى جف الحبر في قلمي.. وتوقفت عن الكتابة.
عند الوصول إلى المدينة المنورة تجولت في شوارعها التي تبعث السكينة في القلوب والراحة النفسية، وأثناء تواجدي في مدينة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- صادفني موقف يبهج النفس جدًا ويسحرها بالسعادة، بعض المواقف تكون بسيطة ولا تتعدى زمن الدقائق، لكن تجعل لها ذكرى وعبرة في سنوات كثيرة، فهذا الموقف الجميل أعاد تعبئة قلمي من الحبر الحي الصالح للكتابة.
دخلت إلى أحد المقاهي «عينة قهوة» على امتداد شارع الإمام البخاري، فوجدت شابًا جميل السلوك والأخلاق فطلبت منه مشروبًا ساخنًا من الشاهي الأخضر، فكانت الخدمة راقية جدًا والمكان جميلا يريح النفسية، ممزوجا بالنظام التقليدي والديكور الأوروبي، بعدها قدم الشاب الشاهي الأخضر المعسول المذاق، بطريقة راقية جدًا يصحبها ذوق جميل.
بعد الاستمتاع برشفة الشاهي، توجهت إلى الشاب للحساب فقال لي: «أنتم ضيوف عندنا واجعل الحساب من جهتي»، هذا الموقف الجميل يجسد رسالة من أهل المدينة المنورة، فأهل المدينة يشكلون نموذج التلاحم فيما بينهم ومع كل زائر إليهم، وربما هذا الموقف من الكرم ليس بجديد على أهل المدينة أصحاب النفوس الزكية والأخلاق النبيلة، حيث الجوهر الأصيل في سكان أهل المدينة والوفاء والمحبة والكرم، فسكان أهل المدينة المنورة طبعوا بصمة من المحبة في داخل المملكة وخارجها، أهل المدينة ساروا على منهجية الآباء والأجداد تحت نهج الكرم والخير والجود والأمر بالمعروف.