خالد الشنيبر



في الاسبوع الماضي أصدرت الهيئة العامة للإحصاء نشرتها الدورية لسوق العمل والخاصة بالربع الثاني من عام 2019م، وأظهرت نتائج النشرة إنخفاض في معدل البطالة بين السعوديين إلى 12.3% مقارنة بـ 12.5% للربع السابق من نفس العام ، وارتفع معدل المشاركة الإقتصادية لإجمالي السعوديين ذكور وَ إناث 15 سنة فأكثر ليصل إلى 45% مقارنة بـ 42.3% في الربع السابق ، وكما جرت العادة عند إصدار نشرات سوق العمل نجد إختلاف لوجهات نظر المختصين والكتاب عن الأرقام المُعلنة فيها ، ولكن برأيي الشخصي كلما كانت معدلات البطالة تتمحور عند إنخفاض أو إرتفاع بمقدار قريب من 1% عن الربع السابق فهذا يعني عدم وجود أي أثر يُذكر.

وفقاً للأرقام المعلنة بالنشرة نجد أن إجمالي المشتغلين في المملكة بلغ 12,857,032 مشتغل ، منهم 17.9% إناث وَ 82.1% ذكور ، وكانت الأقلية للمشتغلين السعوديين بنسبة تقارب 24% (ما يقارب مشتغل سعودي مقابل 3 مشتغلين غير سعوديين) ، ولكن بتحليل الأرقام بشكل أوسع وذلك بحذف عدد العمالة المنزلية من الإجمالي ، نجد أن عدد السعوديين يشكل ما يقارب 31.7% (ما يقارب مشتغل سعودي مقابل كل 2 مشتغلين غير سعوديين) ، ويخضع مايقارب 38.3% منهم لأنظمة ولوائح الخدمة المدنية ، مع التنويه بأن جميع ماتم ذكره من أرقام لا تشمل العاملين في القطاعات الأمنية والعسكرية.

نأتي للنقطة الأهم والتي يدور الحديث عنها بشكل متكرر عند الحديث عن تخفيض معدلات البطالة ، وهي تنقسم لقسمان رئيسيان ، القسم الأول يتعلق بإستراتيجية الإحلال ، والقسم الثاني يتعلق بإستراتيجية توسيع القاعدة الوظيفية ، فإذا إعتمدنا على الأرقام بشكل عام فأجد هناك صعوية لتحسينها للمستهدفات المأمولة من خلال ماذكرته من إستراتيجيات ، وسيضيع ويتشتت الجهد المبذول في التركيز على مبادرات نوعية لتخفيض معدلات البطالة ، والسبب لذلك يعود للإعتماد بشكل شبه كامل على قرارات مركزية وليست مناطقية ، وكوجهة نظر شخصية أعتقد بأننا لن نرى أي تحسين واضح لمعدلات البطالة إلا في حال عكس إستراتيجية التعامل مع البطالة وذلك بتحويلها إلى بطالة وحلول مناطقية كأساس بدلاً من التعامل معها كبطالة عامة ثتبثق منها الحلول بشكل عام على جميع مناطق المملكة الإدارية.

ماذكرته أعلاه هو الأساس الذي ينبغي الإستناد عليه عند الحديث عن أي مؤشرات للبطالة ، فبعض كتاب الرأي والمختصين ينظرون للرقم بشكل إجمالي عند الحديث عن أي عملية إحلال وظيفي للسعوديين كبديلاً عن العمالة الوافدة ، مما تسبب ذلك في تشتت بالتركيز على مستهدفات تخفيض معدلات البطالة بالإضافة لعدم التفرقة بين ما يمكن إحلاله كوظائف تطويرية أو تكميلية أو حتى معدلات للأجور ، ويغيب عنهم أهمية التقسيم المناطقي نظراً لإختلاف موارد المناطق وطبيعة المنشآت الخاصة فيها بالإضافة لإختلاف الثقافات.

التوسع الجغرافي الكبير للمملكة يعتبر عامل رئيسي ينبغي مراعاته عند الحديث بأي شكلاً كان عن أي مؤشرات للبطالة ، وكوجهة نظر شخصية أعتقد أننا تعاملنا مع قضية البطالة بعدة حلول والأغلب منها كان تكراراً لحلول سابقة ولكن بغطاء مختلف ، ومازلت مقتنعاً بأن مثل هذه القضية وحتى نصل للمؤشرات المستهدفة منها فينبغي فك غطاء المركزية والتوجه للتعامل معها بشكل وتقسيم مناطقي كأساس.

ختاماً: أعتقد بأننا جربنا جميع الحلول لمعالجة قضية البطالة وبشكل متكرر ومركزي ولم نرى أي تحسين يُذكر ، وبدأنا بإستحياء وبشكل بسيط في التوجه المناطقي لمعالجة قضية البطالة من خلال مبادرة واحدة فقط ، وأرى بأن الحلول والمبادرات السريعة من خلال التقسيم المناطقي كأساس سيكون أثرها أكبر ومجدي للتقليل من معدلات البطالة ، فماذا ننتظر ؟