محمد العويس - الأحساء

يقع وسط الهفوف التاريخي بالأحساء

وقفت مساجد أحسائية عبر قرون في وجه كل عوامل الزمن والتغيرات؛ لترفع من مآذنها أصوات الصلوات الخمس حتى يومنا الحاضر، ففي وسط الهفوف التاريخي بمحافظة الأحساء، يقبع مسجد شهير عُرف بطرازه المعماري القديم، وتقع حوله حزمة من المباني الطينية التراثية في حي الكوت القديم، فيحده شرقًا قصر إبراهيم الأثري، ومن خلفه جامع الجبري الكبير، ويقع على مقربة من أمتار قليلة عن منزل البيعة التاريخي.

مسجد الفاتح، والذي اشتهر باسم «الدبس»، أسّسه الوالي العثماني محمد فروخ باشا في عهد السلطان العادل سليمان، ابن السلطان سليم القانوني، وتشير المصادر التاريخية إلى أن بناء المسجد كان سنة 962هـ، ويقع على مساحة 350 مترًا مربعًا، في حين أطلق عليه الاسم الشهير «مسجد الدبس»؛ نظرًا لوقوعه بين أسواق وباعة التمر بالقرب منه.

وتؤكد المصادر نفسها أن مسجد الفاتح، يعد مقصدًا هامًا للعديد من طلبة العلم الذين يدرسون القرآن الكريم والفقه والحديث على مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وظلت إمامته متوارثة حتى يومنا هذا، ولا يزال يحتفظ بطابعه التقليدي.

ولعل وجود المسجد على طريق في منطقة هامة ومركزية جعل له أهمية كبيرة للمصلين، وفي شهر رمضان المبارك يشهد المسجد ازدحامًا كبيرًا من المصلين، خاصة في صلاة التراويح.

ويتميز بناؤه بوجود قبة كبيرة في الوسط، وعلى جوانبها فتحات غطيت بالزجاج، ووجود عدد من القباب التي توجد بها فتحات يدخل منها الضوء.

وذكرت الباحثة الجوهرة المدرع، عبر رسالتها في الماجستير حول مسجد الفاتح، أن وثيقته الوقفية تشير إلى أن الذي أمر ببنائه هو والي الأحساء العثماني محمد باشا الملقب بالفاتح، وعُيِّن السيد علي المغربي وذريته بإمامة المسجد ونظارة أوقافه، مشيرةً إلى أن تخطيط المسجد يتبع طراز المساجد العثمانية في فترتها الأولى، التي تُعد امتدادًا لتخطيط العمارة السلجوقية.