د. إبراهيم العثيمين



فتحت الاتفاقية التي وقعت بين السعودية وجنوب أفريقيا في مجال الطاقة المتجددة، خلال لقاء الأعمال السعودي الجنوب أفريقي، الذي نظمه مجلس الغرف السعودية في 12 يوليو 2018، المجال أمام سوق خصب لم يتم استغلاله حتى الآن وهو سوق الطاقة المتجددة. فبحسب دراسة أجرتها خدمة «هافاس هوريزون» تشير إلى «أن المستثمرين الدوليين يعتبرون أن قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا سوف يكون الأكثر جذبا بحلول 2020 وهم مستعدون للمساهمة فيه». وتضيف الدراسة: إن «المستثمرين يؤمنون بقدرة القارة الأفريقية على أن تصبح مرجعا عالميا للطاقة المتجددة وهو نشاط بات يحظى بمكانة مميزة في استثماراتهم». وعليه فدول أفريقيا تعتبر من أكثر الدول المناسبة لتطبيق تكنولوجيا الطاقة المتجددة. لكن بالرغم من تمتع أفريقيا بهذه الإمكانات الكبيرة بالطاقة الشمسية التي تصل إلى 40٪ من الإجمالي العالمي، إلا أن إحصائيات الطاقة العالمية 2018 تشير إلى أن ما يقرب من 600 مليون أفريقي، يعاني عدم الوصول إلى استدامة الكهرباء. بدأت في السنوات الأخيرة تشهد بعض الدول الأفريقية تحولا بخطى بطيئة إلى الطاقة المتجددة، وبدأت شركات تقنية صغيرة تدخل سوق الطاقة في أفريقيا لكن ما زال سوق الطاقة في أفريقيا يشهد طلبا عاليا وفرصة حقيقية للاستثمار فيه.

السعودية من خلال تخطيطها لتنفيذ برنامج للطاقة المتجددة انطلاقا من برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية 2030. ومن خلال «مشروع خطة الطاقة الشمسية 2030» الذي أعلنت عنه في مارس عام 2018 بالشراكة مع مجموعة «سوفت بنك» اليابانية، لإنتاج 200 جيجاوات في السعودية بقيمة إجمالية تصل إلى 200 مليار دولار أمريكي، سيكون لديها فرصة كبيرة للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة في أفريقيا كأداة لتحقيق أهداف رؤية المملكة في التنمية والتنوع الاقتصادي. فهذا المشروع بحجم إنتاجه الكبير 200 جيجاوات والذي يمثل نصف الإنتاجية المركبة للطاقة الشمسية في العالم والتي تبلغ 400 جيجاوات، سوف يغطي احتياج المملكة الحالي البالغ 75 جيجاوات، وسيغطي الطلب المتوقع على الكهرباء في المملكة الذي سيتجاوز 120 جيجاوات بحلول عام 2030، وسيكون هناك فائض يصل إلى 80 جيجاوات يمكن تصديره عبر الشبكات الكهربائية المترابطة ومنها إلى الدول الأفريقية. فالسعودية من خلال سعيها لأن تكون مركزاً إقليمياً للربط الكهربائي بين آسيا وأفريقيا عبر الربط بشبكة مصر، بعد اكتمال منظومة الربط الكهربائي الخليجي، ستكون الدولة الأكثر استفادة من هذا الربط من خلال تصدير فائض إنتاجها من الطاقة لأي دولة ومنها الدول الأفريقية الأكثر حاجة عبر هذه الشبكات. وعليه سوف تمتلك السعودية مصدر طاقة آخر مهما كأهمية النفط وتكون من الدول المصدرة له.

علاوة على ذلك، قدرة المملكة على تصنيع الخلايا الشمسية محلياً بكميات تجارية تسمح بتسويقها محليا وعالميا، وذلك من خلال امتلاكها محليا جميع المواد الخام المستخدمة في تقنيات الطاقة الشمسية مثل السليكا عالية الجودة والذي يعتبر عصب صناعات الكهروضوئيات. وهي متاحة ومتوفرة في مناطق مختلفة من المملكة في شمال وشرق ووسط المملكة، يمكن أن يحفز نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في صناعة الطاقة المتجددة في أفريقيا وتكون قادرة على الإنتاج وتشغيل العمالة مما يساعد في سد فجوة الوظائف. فوفقاً للهيئة الدولية للطاقة المتجددة، فإن نحو 76 ألف وظيفة فقط في مجال الطاقة المتجددة جرى إنشاؤها في كل أفريقيا، أي أقل من 1% من 10.3 مليون وظيفة أنشئت على مستوى العالَم.

وأخيرا يمكن للشراكة السعودية ـ الأفريقية التنسيق الوثيق في مجال تطوير سوق الطاقة في أفريقيا عبر المساهمة في التشريعات أو المساهمة في تطوير البنى التحتية وتبادل الخبرات بالإضافة إلى تشجيع مشروعات الطاقة المتجددة، من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة.