فهد سعدون الخالدي

العمل الإرهابي الذي تعرضت له معامل إنتاج البترول في حقلي بقيق وخريص لم يكن مفاجئاً بالنسبة لمن يعرفون الأساليب الخبيثة والملتوية التي تستخدمها إيران في إثارة المشاكل والاضطرابات مستخدمة أذرعتها الطائفية في المنطقة مظلة للادعاء بعدم مسؤوليتها عن هذه الأعمال، وهو ما حصل مرات عديدة قبل هذا العدوان وما يمكن أيضاً أن يتكرر مستقبلاً إذا لم يتم وضع حد لمثل هذه الأعمال. لكن الجديد هذه المرة هو بالإضافة إلى نوعية الأهداف وأهميتها أن نتائج هذا العدوان لا تهدد أمن المملكة واقتصادها ومصالحها فحسب بل هي تهدد الأمن العالمي واقتصاد العديد من الدول في أمريكا وأوروبا وشرق آسيا التي تعتمد على واردات النفط من الحقول التي تعرضت للعدوان، واضطرت أرامكو السعودية إلى إيقاف الإنتاج فيها مؤقتًا مما أدى إلى ارتفاع مباشر في أسعار النفط العالمية نتيجة لنقص الإمدادات ولم يُهدئ هذا الارتفاع إلا السرعة القياسية التي استطاعت فيها أرامكو إصلاح الأضرار والعودة التدريجية إلى معدلات الإنتاج العادية. وإذا كانت المليشيات الطائفية في اليمن قد ادعت مسؤوليتها عن هذه الهجمات في محاولة للتستر على الفاعل الحقيقي فإن التحقيقات سوف تظهر حقيقة المسؤول عن هذا العمل الذي تستبعد الجهات الاستخبارية وصور الأقمار الصناعية صحة الرواية الحوثية بالمسؤولية عنها، وتؤكد مسؤولية نظام الملالي عن هذا العمل والذي أثار ردات فعل عالمية طالب أكثرها بوضع حد لمثل هذه الأعمال ومحاسبة القائمين عليها نظراً لتأثيراتها ومخاطرها على الاقتصاد العالمي. وإذا كانت العديد من الدول المتضررة من تراجع إيرادات النفط لم تحسم موقفها النهائي انتظاراً لنتائج التحقيق التي ستوضح مصدر هذه الأعمال والقائمين عليها إلا أن الواضح أن كافة الأطراف الإقليمية والدولية لا تعتبر هذه الاعتداءات عدواناً على المملكة فحسب، بل على المجتمع الدولي باعتبارها تهديداً للمصادر الرئيسة للطاقة، مما يستدعي موقفاً حاسماً يردع المعتدي عن التمادي في مثل هذه الأعمال ويوصل لرؤوس الفتنة رسالة حاسمة أن العالم بقواه المؤثرة لن يتسامح مع مثل هذه الأعمال وأنه مصمم على وضع حد لها بكل السبل، أما المملكة فقد أكدت أنها قادرة في جميع الأحوال على حماية مصالحها وردع أي عدوان على أرضها أياً كان مصدره، وأنها عازمة على ذلك دون تردد وبكافة السبل الممكنة يؤيدها في ذلك موقف عربي وإسلامي ودولي موحد لا تخدعه افتراءات الجهات المعادية ومحاولاتها التنصل من المسؤولية لا سيما وأن حجم هذا العدوان وتأثيراته الاقتصادية تتخطى الآثار المترتبة على كافة الاعتداءات السابقة، ويظهر ذلك من خلال حجم ما تم التوقف عن إنتاجه من النفط الخام والذي وصل إلى حوالي 6 ملايين برميل يومياً وهو ما يعادل حوالي 50% من إنتاج أرامكو اليومي من النفط، إضافة إلى التوقف عن إنتاج كميات من الغاز المصاحب تقدر بحوالي ملياري قدم مكعبة من الغاز يومياً تكفي لإنتاج حوالي سبعمائة ألف برميل من الغاز الطبيعي السائل مما يؤدي إلى انخفاض إمدادات سوائل الغاز الطبيعي بنسبة 50% أيضاً، ولذلك فإن وضع حد لمثل هذا العمل هو مسؤولية مشتركة للمملكة والدول التي تعتمد على إمدادات النفط والغاز والتي يقع الذين يقفون وراء هذه الاعتداءات في خطأ كبير إذا أغرتهم التصريحات التي تبدو وكأنها أقل حدة تجاه هذا العمل، مما يجعلهم يظنون أنهم لن يلاقوا جزاء أعمالهم إلا أن الحقيقة أن المملكة ومعها العالم لن تسمح بمثل هذا الإيذاء لمصالحها وأنها سوف تمارس حقها في حماية مصالحها دون تردد تجاه من تثبت التحقيقات التي تتم حالياً بمشاركة أطراف دولية واستخبارية مسؤوليته عما حصل، وإن كانت نوعية القذائف المستخدمة في العدوان والتي تم عرضها في المؤتمر الصحفي الذي عقده الناطق باسم وزارة الدفاع تشير إلى الجهة التي تقف وراءه، كما أن المستقبل القريب سيكشف بالتأكيد الأيدي الآثمة التي ارتكبت هذا العمل الغادر والمكان الذي انطلقت منه الصواريخ، مما يكشف كذب ادعاء العصابات الطائفية التي ادعت تنفيذ الهجمات بطائرات مسيرة أيضاً.