محمد حمد الصويغ



إطلاق المملكة للتأشيرة السياحية الإلكترونية خلال حفل احتفالي نظمته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالرياض، مؤخرا، بحضور نخبة من صناع السياحة والمستثمرين الدوليين وبحضور رئيس منظمة السياحة العالمية ورئيسة مجلس السفر والسياحة العالمي؛ هذا الاطلاق يعني فيما يعنيه انفتاح المملكة على العالم، ويمثل في حقيقة الأمر وسيلة من وسائل تشجيع صناعة السياحة الوليدة بالمملكة، ودفعها بقوة وسرعة إلى الأمام بخطوات مطمئنة وثابتة وواثقة ومدروسة، وسوف يشاهد الزوار بأم عيونهم وعن كثب حفاوة السعوديين بهم، ويشاهدون عن كثب أيضا سحر الطبيعة الخلابة والعمق الحضاري لهذا الوطن المعطاء.

إنها خطوة مباركة، تمهد لتعريف العالم بالمنجزات الحضارية التي حققتها المملكة منذ عهد تأسيس كيانها الشامخ وحتى العهد الميمون الحاضر، فالخطوة التي رسمت الخطوط الواضحة لفتح أبواب المملكة أمام الزوار رسمت في الوقت ذاته ملامح اقتناص الفرص أمام المستثمرين، لا سيما ما يتعلق منها بجوانب الاستثمار في مجال السياحة، وهو مجال واسع ومتشعب، فالاستثمار في عالمه يترجم نصا من نصوص رؤية المملكة الطموح 2030، التي انتهجتها المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله -.

والانفتاح على العالم وفقا لإطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية يعني استقطاب مئات المليارات من الريالات، بما يؤكد بجلاء ثقة العالم المطلقة بمتانة وصلابة السوق السعودي، وفتحه لفرص استثمارية واعدة ومختلفة، وحينما أعلنت رؤية المملكة فإن إعلانها ارتبط بطريقة عضوية ومباشرة بصناعة السياحة على اعتبار أنها تمثل أحد الخيارات المهمة لتنويع مصادر الدخل وعدم حصره في النفط فقط، فالمشروعات السياحية الكبرى التي تزامنت مع ذلك الإعلان جاء رفدها بإطلاق تلك التأشيرة كانطلاقة جديدة من الانطلاقات السياحية الوطنية بالمملكة.

وإزاء ذلك فإن من المتوقع خلال سنوات قليلة قادمة عطفا على إطلاق تلك الخطة الجيدة أن تتحقق سلسلة من الأهداف الوطنية الداعمة للحركة السياحية الواعدة بالمملكة، لا سيما أن مقوماتها متوافرة في سائر المناطق والمحافظات والمدن، فالمملكة بما تختص به من تراث حضاري عريق، وقد سجلت بجدارة ضمن التراث العالمي، وبما تختص به من وجود مواقع تاريخية عديدة فإنها جديرة بطرح فرص استثمارية واعدة سوف تؤتي ثمارها لدفع السياحة بالمملكة إلى آفاق رحبة وغير مسبوقة، فاستقبال المملكة للسياح من جميع دول العالم سوف يؤدي إلى رسم مساحات واسعة على خريطة السياحة في هذا الوطن المضياف.

وعطفا على الإستراتيجية الوطنية التي رفدت بإطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية فإن من المتوقع استقبال مائة مليون سائح سنويا بحلول العام 2030 ترجمة لمعطيات رؤية المملكة، وهذا يعني أن المملكة بحلول العام ذاته ستغدو - بفضل الله - واحدة من كبريات دول العالم استقبالا للسياح، وسوف تحقق عائدات تصل إلى أكثر من عشرة بالمائة من إجمالي دخلها القومي، وستصل أعداد الوظائف في القطاع السياحي إلى مليون وستمائة ألف وظيفة، وهو أمر يدعو للفخر والاعتزاز، ويدعو لمباركة الخطوات الحثيثة التي تنتهجها القيادة الرشيدة في هذا الوطن للرقي به إلى أعلى مستويات التنمية والنهضة.