سالم اليامي

ما يسمى بالثورة الإسلامية في إيران، مثل كل الأشياء السيئة في الحياة، تحاول إيهام الناس عبر إبراز مظاهر الدولة، الملتزمة بالقواعد، والقوانين، والأعراف الدولية، وذلك في الخطب، والبيانات الرسمية الصادرة عن المسؤولين السياسيين، والدينيين. بينما وفِي الخفاء تتجرد من كل القيم الإنسانية، وتتعمد مخالفة كل القوانين المنظمة للحياة الدولية، وتخطط للاعتداء على الدول المجاورة، وإلحاق الضرر بقدراتها الاقتصادية، وبأمنها الداخلي. ما أقوله هو تقريبا ما كشفت عنه الأيام القليلة الماضية عبر وكالة رويترز للأنباء، والتي أوضحت أن مسؤولين رفيعي المستوى في النظام الثوري البائس في إيران قد عكفوا وعلى مدار أشهر على عقد اللقاءات السرية، للترتيب لأحداث 14 سبتمبر 2019. أي أحداث مهاجمة المنشآت النفطية السعودية في ابقيق، وخريص. هذه اللقاءات وبحسب المعلومات المنتشرة عن رويترز شارك فيها ما يسمى بالمرشد الأعلى علي خامنئي، وقيل إنه شخصياً من أعطى الموافقة، والمباركة لاعتماد تنفيذ العملية. ونقلت المصادر أن الرأي كان قد استقر على البحث عن أهداف أمريكية بغية إلحاق الضرر بالولايات المتحدة الأمريكية، وتفتق العقل السياسي الانتقامي والإجرامي، الإيراني. عن ضرورة البحث عن أهداف حيوية جداً، ومؤثرة جداً، واستقر الرأي على أن تكون هذه الأهداف لطرف حليف لأمريكا، وأن لا يكون من بين ضحايا هذه الأهداف مواطنون أمريكان. وهذا يفسر لنا طبيعة العقل السياسي الإيراني الذي يخاف رد العصى الغليظة، الأمريكية عندما تهاجم مصالحها، أو رعاياها. واستمرأ المخطط الإيراني إيقاع الضرر بالمملكة العربية السعودية، وبمقدراتها الاقتصادية، وبتهديد أمنها، وسلامة مواطنيها. وتناسى أصحاب العمائم ومن لف لفهم، الخطب المطولة في فضيلة الاتحاد الإسلامي، والحوار من أجل سلامة، ووحدة دول المنطقة. التقارير الإعلامية أحيانا لا تضيف جديدا بقدر ما تؤكد، وتقرر، واقعا. فالعمل الهمجي ضد مقدرات المملكة الحيوية، والإستراتيجية، تم الاستدلال عليه بصورة مباشرة، وأوتوماتيكية بأن إيران تقف خلف هذا العمل، في الوقت الذي اصطف العالم مع المملكة داعما لها ومؤيدا لخطواتها في وجه التخريب الإيراني المتعمد، حتى إن وزير الخارجية الأمريكي وصف العدوان الإيراني بأنه «إعلان حرب» وكان من المضحك حينها أن تعترف ما يسمى بجماعة أنصار الله الحوثية بأنها هي التي نفذت الهجوم. مع وجود كل الدلائل والقرائن التي توكد أن مكان إطلاق السيارات المسيرة انطلق من نقطة ما داخل الحدود الإيرانية، من داخل قاعدة عسكرية في غربي إيران. مثل هذه القرارات التي تتخذ على مستويات عليا من صناعة القرار في إيران يظهر فيها عنصر الارتباك، ومحاولة التهرب من الضغط القوي الذي تقوده أمريكا ضد إيران، هذا الضغط بدأ يبلور مواقف عجز إيراني، وبدأ يعكس حركة القوى المؤثرة بداخل السلطة الثورية. وذلك كله أنتج مع الوقت تراخيا في الموقف الأوروبي تجاه الجانب الإيراني، بل بالعكس، أصبحت هناك أصوات أوروبية تتفهم بصورة دقيقة خطورة السلوك الإيراني الثوري، الذي يهدد أمن المنطقة، واستقرارها. دول المنطقة كانت خلال العقود الأربعة الماضية تأمل بأن تتعامل، وتتعاون مع دولة طبيعية، دولة تعامل الآخرين طبقا لمبادئ التعاون، والصداقة، وحسن الجوار. وأن يكون سلوك إيران خاليا من الكراهية، والحقد، للجانب العربي. اليوم في أغلب الظن، انكشف الوجه القبيح لإيران، وقادتها، وثورتهم البائسة التي طالما جرت المنطقة إلى مزيد من البغضاء، والمشاحنة. ولعل الحقائق التي بدأت تتكشف للأسرة الدولية يوما تلو الآخر هي أن إيران الثورة أو الوجه القبيح للبلاد، لم ينجح في تجاوز أزماته، الداخلية، والخاصة المتعلق أغلبها ببنية الثورة وعقلية القائمين عليها، زادوا على ذلك مع مرور الزمن خصالا بغيضة في ميدان العلاقات مع الدول وخاصة الخليجية المجاورة لها تتمثل في التدخل السافر، في الشؤون الداخلية. للأسف مر الزمن ولم تعرف دول الجوار لإيران إلا الوجه القبيح دوما.

salemalyami@