علي بطيح العمري

إياك أن تظن أن غض البصر محصور في رؤية جمال امرأة فاتنة.. هناك أشياء أخرى في الحياة إن لم تغمض عينيك عنها تتعب نفسيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا.

غض بصرك عن رؤية فتاة مليحة يعصمك - دينيا - من التعلق بفتاة أجنبية.. وغض بصرك عن الكماليات في حياة الآخرين يردعك عن مجاراتهم ومنافستهم.. كثيرون الذين «يتدينون» ليغيروا أثاث بيوتهم بين فترة وأخرى.. ويغيروا سياراتهم وأجهزتهم بحسب آخر موديل.. وتلقى كثيرات من اللاتي ترتاد الواحدة منهن مطعما باهض الثمن لأن صديقتها مرت من هناك. أو التي تزور سوقا لأن زميلتها تصورت فيه.. مثل هذه الموضة مرهقة للفرد ومشتتة لدخل الأسر.

غض بصرك عن متابعة المشاهير وتتبع انحرافاتهم ومبالغاتهم وخداعهم عبر إعلاناتهم.. يقيك من الوقوع في التقليد المذموم الذي يعد صاحبه أحمق؛ لأنه وقع ضحية لألاعيب الآخرين.

غضك لنظرك عن مشاهدة الفتن والانحرافات التي يموج بها العالم؛ يحمي عينيك وأذنيك من التلوث البصري والسمعي لانحرافات البشر، فالحياة يا صديقي مليئة بالخير.. وإن كنت لا ترى إلا الشر، فاخرج من برك الفساد التي تعوم فيها واطلع من الشرفات العالية ستدرك أن الجمال والخير في الحياة كالموج يعلو حينا وينخفض أحيانا لكنه متتابع.

الناس في رؤيتهم وتعاطيهم لما حولهم من سلوكيات وظواهر أنواع.. هناك من ينظر إلى من هو أعلى منه اجتماعيا وماليا فيتعب في مجاراته.. وهناك «السوداوي» الذي لا يرى إلا السلبيات الموجودة في المجتمع فيركز عليها ويختار مقاطعها وصورها ويعممها، فهذا ينطبق عليه حديث: «من قال هلك الناس فهو أهلكهم...».. وهناك من لا يرى إلا الجمال في الأشياء والأشخاص والأحداث فيرى الخير الباقي في المجتمع.. وهذا هو الجميل خلقا وذوقا.

وهنا أبيات لإيليا أبو ماضي:

إنّ شرّ الجناة في الأرض نفس

تتوقّى، قبل الرّحيل، الرّحيلا

وترى الشّوك في الورود، وتعمى

أن ترى فوقها النّدى إكليلا

هو عبء على الحياة ثقيل

من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا

والذي نفسه بغير جمال

لا يرى في الوجود شيئا جميلا