لمى الغلاييني

في بداية العلاقات، يميل الشريكان للنقاش حول الموضوعات المشتركة الممتعة مما يزيد من الألفة والتواصل بينهما، إلا أن تلك الفترة من العسل الصافي تتناقص تدريجيا، حيث يبدأ الشريكان بالتركيز على قياس نسبة التشابه بينهما، والبحث عن نسخ مثالية من بعضهما الآخر، وزيادة ملاحظة التباين في شخصيتيهما، مع اكتشاف عجزهما عن التعامل معها، ومع تطور الزمن يتوقفان عن الحديث عن الجوانب الإيجابية بينهما، ويبدآن في الشكوى من الاختلافات، ويصبح من الصعب تقبل اختلاف أمزجتهما في الكثير من الممارسات اليومية، فيزداد احتدام المجادلات الغاضبة، ويتكرر الأمر في الكثير من العلاقات مما يؤدي للطلاق، لفشل الطرفين في التعبير عن رغبتيهما بأسلوب ذكي ودود مع الطرف الآخر.

أما الشريكان الذكيان فإن استجابتهما للوضع أكثر شجاعة وذكاء في التواصل بمهارة، حرصا على إنقاذ العلاقة بينهما، ومن أكثر المهارات التي يتمتع بها الشركاء الناجحون هو التوقيت المناسب للحوار والتعبير، لأن لاختيار التوقيت قدرا كبيرا من الأهمية، ومن الشكاوى الأكثر شيوعا في العلاقات المتوترة هو إصرار أحدهما على مناقشة مشكلة شائكة في وقت متأخر من الليل، أو حين يكون الطرف الآخر مرهقا أو مضغوطا، مما يؤدي في النهاية لتعثر الحوار والانغلاق عن محاولة التحدث عما يجول داخلهما. ولهذا فمن أول النقاط في بناء العلاقات الزوجية الواعية هو تنسيق المواعيد المناسبة للنقاش، وأن يتم الاتفاق بشكل مسبق على تأجيل المناقشات الصعبة لأوقات لاحقة أفضل استعدادا، مع تحديد ذلك الوقت حتى لا يطول انتظار أو قلق الطرف الآخر المستعجل، وبهذه الطريقة سيثبت الطرفان اهتمامهما بالعلاقة، والتزامهما بمناقشة الأمور المهمة وعدم تجاهلها، بطريقة ملائمة لظروف كلا الطرفين.

ومن المهم كذلك التدبر في ردود الأفعال والمواقف الدفاعية التي نلجأ لها في الحوار، وتجنب وضعية الهجوم أو دور الضحية والمظلوم، وتعلم كيفية التعبير عن حاجاتنا بطريقة مباشرة هادئة، مع تحمل مسؤولية مشاعرنا، والتواصل بلطف مع أنفسنا والطرف الآخر، بدلا من التحدث عن الأمور الخاطئة التي يفعلها شركاؤنا، وبذل الجهود لإثبات خطأ الطرف الآخر وإلقاء اللوم عليه كلية، وهذا هو أهم مفاتيح التواصل الذكي بين الشركاء.