كلمة اليوم

لم يكن الأسبوع الماضي أسبوعا استثنائيا في روزنامة المملكة السياسية، رغم اكتظاظه بالأحداث الكبرى، ذلك لأننا اعتدنا في المملكة على صناعة الحدث، ولا مشاحة في ذلك، فالرياض تظل واحدة من أهم عواصم صناعة القرار في العالم، وبالأخص بعد أن استدعت الأنظار إليها برؤيتها النابهة، وقدراتها على التحرر من ربقة وقيود الاقتصاد الريعي، لتنقله إلى الضفة الأخرى بخطوات جريئة، وفي زمن قياسي.

وقد شهد الأسبوع الماضي فضلا عن قمة دول مجلس التعاون الخليجي في دورتها الأربعين التي احتضنتها الرياض، شهد قبلها إعلان الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 2020م، والتي أفصحت عبر أرقامها ومكتسباتها عن سلامة النهج الاقتصادي والمالي، ونجاعة الخطط والخطوات التي اتخذتها البلاد في سبيل تحقيق متطلبات الرؤية، والميزانية السعودية لا تعني المملكة وحدها حتما، وإنما تعني الاقتصاد العالمي برمته بوصفها أحد أهم أضلاعه الرئيسية، وركنا أساسا في منظومة مجموعة العشرين الاقتصادية (G20)، والدولة التي تترأس المجموعة حاليا، وستستضيف قمتها القادمة في الرياض في 21، 22 نوفمبر 2020م، والذي تابع أصداء إعلان الميزانية العامة دوليا، خصوصا وأنها تزامنت مع النجاح المذهل لاكتتاب أرامكو، والذي منحها قيمة سوقية تتجاوز التريليوني دولار، يقف بوضوح على حجم المملكة الاقتصادي، ورؤية العالم لها ليس كاقتصاد كبير فحسب، وإنما أيضا كرافعة رئيسية للاقتصاد العالمي بحكم شفافية قراراتها، وقدرتها على قيادة اقتصادات المنطقة، وتحريك العجلة بما يعود بالنفع على الجميع، وهو التوجه الذي يقوده سمو ولي العهد -حفظه الله- والذي سبق وأن تحدث عن رؤيته للشرق الأوسط، والذي وصفه بأوروبا الجديدة، نسبة للتطلعات التي يحملها سموه تجاه المنطقة، وذلك من منطلق إيمانه أن لا أحد سيعيش مستقرا طالما جواره يعاني، بحيث يبقى بمعزل عما يجري في محيطه، وأن التنمية المستدامة تشترط أول ما تشترط إيمان الجميع ومشاركتهم في بنائها، وهذا الفكر القيادي الذي يطرحه سمو الأمير، والذي يتجاوز الحدود، ويدعو للشراكات، هو بالنتيجة ما سيفرض الأمن والسلام في ربوع المنطقة، ويجبر أي عنصر يشذ عن هذه القاعدة على أن يبدل سلوكه ليكون جزءا من المشروع التنموي الكبير وإلا فسيكون خارج التاريخ، وهذا هو سر هذا الاهتمام الكبير بالمملكة وموازناتها، وإدارتها السياسية التي باتت تشكل المرتكز الأهم لصناعة الاستقرار والسلام في المنطقة.

article@alyaum.com