مصطفى محكر - الخرطوم

تنتظره قضايا تصل أحكامها لـ«الإعدام» بتهم قتل المتظاهرين وتقويض الديمقراطية

أنقذه بلوغه ما فوق «السبعين» لينجو مخلوع السودان من السجن عشر سنوات، وتقضي المحكمة بإيداعه مؤسسة إصلاحية لمدة عامين، علاوة على مصادرة جميع الأموال المضبوطة الأجنبية والمحلية إلى السلطة المدنية، لثبوت إدانته بتهم الفساد المنسوبة إليه.

ومن داخل قفص الاتهام، تابع البشير الذي ظهر في جلباب تقليدي أبيض وعمامة النطق بالحكم أمس السبت.

» إجراءات أمنية

وبدأت المحكمة الجنائية الخاصة بمحاكمة الرئيس المعزول التي ترأس جلستها د. القاضي الصادق عبدالرحمن الفكي، صباح أمس، وسط إجراءات أمنية مشددة شهدتها الخرطوم، بالتزامن مع مسيرة نظمها أنصار المخلوع في العاصمة، لم تتعد عناصرها المئات.

وخلال الجلسة، استمعت المحكمة لمجموعة من الشهادات تناولت قضايا فساد مالي، يتهم البشير بالتورط فيها، ليصدر بعدها د. الفكي حكما بإيداع الرئيس المخلوع عمر البشير، مؤسسة إصلاحية لمدة سنتين عوضا عن 10 سنوات لكبر سنه، ومصادرة جميع الأموال المضبوطة إلى السلطة المدنية.

وأوضح القاضي د. الفكي خلال الجلسة التي عقدت بمعهد التدريب القضائي بالخرطوم، خلال قراءته نص الحكم، أن «إيداع البشير الإصلاح الاجتماعي لمدة عامين؛ لتجاوزه عمر 70 عاما».

وأدانت المحكمة المخلوع حسب المادة 21 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991، المعدل سنة 2015، بالتعامل بالنقد الأجنبي، وبحسب مادتي 6 و7 من قانون الثراء الحرام والمشبوه لعام 1989.

» الأموال المضبوطة

وكان فريق مشترك من القوات المسلحة والشرطة وجهاز الأمن، وبإشراف النيابة العامة، قد عثر على مبلغ نقديّ بثلاث عملات في منزل البشير، بلغت قيمته أكثر من 113 مليون دولار، ويشمل 7 ملايين يورو، إضافة إلى 350 ألف دولار، و5 مليارات جنيه سوداني.

ووجّهت النيابة العامة سابقًا اتهامات للرئيس المخلوع، تمثّلت في الفساد والتعامل بالنقد الأجنبي وغسل الأموال والثراء الحرام، فيما تنتظره محاكمات أخرى قد تصل عقوبتها إلى «الإعدام»، تتعلق بقتل المتظاهرين إبان انطلاق الثورة، إضافة إلى تقويض النظام الديمقراطي في يونيو 1989 حينما قاد انقلابا عسكريا أطاح برئيس الوزراء المنتخب الصادق المهدي.

والبشير مطلوب أيضا لدى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرتي اعتقال بحقه في عامي 2009 و2010 لتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في منطقة دارفور السودانية.

وأقيمت عدة قضايا أخرى في البلاد ضد المخلوع، وفي مايو اتُهم البشير بالتحريض والضلوع في قتل المتظاهرين وجرى استدعاؤه الأسبوع الماضي لاستجوابه في دوره في الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1989 وأتى به إلى السلطة.

» تقديرات المحكمة

من جهته فسر د. محمد خالد محمد أستاذ الشريعة والقانون بالجامعات السودانية لـ«اليوم»، إصدار القاضي الحكم على الرئيس المخلوع بـ«الإصلاحية» لعامين، بسبب بلوغه سن الـ70، بالقول: هي نظرة تقديرية تحميها روح القانون السوداني، لذلك كان الحكم أن يودع مؤسسة إصلاحية لمدة عامين، غير أن هناك جملة من القضايا التي تنتظر أن يمثل فيها البشير أمام المحكمة مجددا، مشيرا إلى قضايا قتل المتظاهرين، وتقويض النظام الديمقراطي قبل ثلاثين عاما.

وقال د. محمد: القضاء السوداني مشهود له بالكفاءة والنزاهة لذلك ينتظر أن تجيء جلسات المحاكمات القادمة بعيدا عن «أن الذي يحاكم كان رئيسا للجمهورية» وهو ما تحقق أمس، مؤكدا أن القاضي د. الفكي تحلى بقدر عال من النزاهة والشجاعة، رغم أن القرار غير مرض بالنسبة للثوار، ولكنه القانون الذي يجب أن نحتكم إليه جميعا.

إلى ذلك أصدر الفريق ركن ياسر العطا رئيس لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد قرارا بحل المكاتب التنفيذية ومجالس النقابات والاتحادات، وشمل القرار جميع النقابات وفي مقدمتها اتحاد الصحافيين السودانيين ونقابة المحامين، وهي واجهات احتكرها «الإخوان المسلمون» طوال الثلاثين عاما الماضية.