فهد سعدون الخالدي

تجيء المنجزات النوعية في التعليم ومشاريع وبرامج التطوير والتحديث، التي تحقق هذه المنجزات في سياقها الطبيعي، حيث إن السنوات السابقة شهدت اهتماماً غير مسبوق في تعميم وتوفير المدارس بمراحلها المختلفة والجامعات في سائر مناطق المملكة ومحافظاتها، بل والقرى والهجر أيضاً في توازن بين كل هذه المناطق ثم الاهتمام بإشغال الوظائف التعليمية بالمواطنين، الذين أصبحوا يشكلون 100% من المعلمين والمعلمات في المراحل الثلاث والنسبة الأكبر أيضاً في الجامعات بكل التخصصات، ولا شك أن غلبة الاهتمام بالكم قد ميزت المراحل السابقة، وأعطيت لها الأولوية وذلك أمر طبيعي على ضوء حاجة مناطق المملكة مترامية الأطراف للتعليم النظامي بمراحله المختلفة للبنين أولاً ثم للبنات بدءاً من ستينيات القرن الميلادي الماضي. ولم يمنع ذلك أيضاً من جهود حثيثة ومشاريع عديدة لإعداد المعلمين بدءاً من معاهد المعلمين الابتدائية ثم الثانوية ثم كليات المعلمين المتوسطة وصولاً إلى كليات المعلمين وكليات التربية في الجامعات للبنين والبنات وعلى التوازي مع تطوير البنى التحتية وتحويل المدارس شبه التام من المباني المستأجرة، التي اقتضت الحاجة للاستعانة بها حينا لتلبية احتياجات القرى والأحياء من المدارس إلى أبنية مدرسية تشكل اليوم الأغلبية المطلقة من مدارس البنين والبنات في سائر أنحاء المملكة، كل ذلك يجيء في ضوء تأكيد ولاة الأمر -أيدهم الله- على أهمية العناية بالمعلم من النواحي العلمية والتدريبية والمكافآت والحوافز المادية والمعنوية بما يتناسب مع اعتباره المدخل المهم في العملية التربوية إن لم يكن أهم مدخلات هذه العملية على الإطلاق. وقد شهدت الأيام الماضية الإعلان عن إجراءات جديدة تؤكد عملية التطوير المستمرة، التي تتبناها وزارة التعليم بتوجيه ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين أولهما تعديل المذكرة التفسيرية للائحة الاختبارات بما يصوب بعض الإجراءات الخاصة بعمليات التقويم، التي تتم في مدارس المرحلة الابتدائية على وجه الخصوص، وفي مواد اللغة العربية للمرحلة المتوسطة وبما يصحح الممارسات، التي كانت تقوم على فهم خاطئ لعملية التقويم المستمر، بحيث تم التركيز في المذكرة الجديدة على اعتبار الاختبار أحد أهم أساليب التقويم إلى جانب الأساليب الأخرى المتبعة للتعرف على مدى إتقان الطلاب للمهارات وفهمهم للمعارف التي يتضمنها المقرر، وقد رافق ذلك أيضاً الإعلان عن نتائج الاختبارات التحصيلية لبعض المواد والمؤشرات، التي يمكن التعرف عليها من خلال هذه النتائج وصولاً إلى القرارات التربوية المناسبة لتحسين مخرجات التعليم بما يتناسب مع الجهود المبذولة والنفقات والميزانيات ومع الدور المنتظر لمخرجات التعليم من الكوادر البشرية في تحقيق رؤية المملكة 2030 وبناء مستقبل الوطن -إن شاء الله-. أما الحدث الثاني، فهو الإعلان عن تأجيل العمل بلائحة الوظائف التعليمية وتعديل وإلغاء بعض المواد فيها بما يحقق مصالح المعلمين، خاصة على صعيد تصنيفهم وحفظ حقوقهم من الامتيازات، وعدم المساس بها أثناء تسكينهم في المراتب والدرجات الجديدة، وكذلك إلغاء فقرة الإبعاد عن التعليم لمَنْ لم يتمكن من الحصول على الرخصة المهنية منهم مما يؤشر أن المرحلة القادمة سوف تشهد مزيداً من الإجراءات التطويرية الموجهة لكل مدخلات العملية التعليمية بما في ذلك المعلم والمقررات المدرسية وأساليب التقويم والعناية باختيار الكوادر البشرية وفق معايير محددة سواء على صعيد المعلم بدرجاته وتصنيفاته، التي وضعتها اللائحة الجديدة أو على صعيد القيادات التربوية على مستويات المدارس ومكاتب التعليم والإدارات التعليمية، كل ذلك يؤكد أن الطموحات، التي طالما تطلعنا إليها هي في سبيلها إلى التحقيق بتوفيق الله أولاً ثم بإصرار القيادة على أن يكون التعليم في مقدمة ركب التطوير الشامل للوطن ثم ما يبشر به أبناء الوطن من المستقبل الواعد -بإذن الله- بما يحققون من مكتسبات وإنجازات في الجامعات داخليًا وخارجيًا وهي ما يتأكد يوماً بعد يوم.

@fahad_otaish