خالد الشنيبر

تولي حكومة المملكة اهتماماً كبيراً بالتحول للتعاملات الإلكترونية لرفع كفاءة القطاع العام، وتقديم خدمات أفضل للأفراد وقطاع الأعمال بشكل أيسر، بالإضافة لتوفير المعلومات المطلوبة بدقة عالية وفي الوقت المناسب. وفي نفس الوقت تواجه القطاعات العامة تحديات مستمرة في خدمة المستفيدين من خلال ما يُعرف بـ«خدمة العملاء» بشتى أساليبها، وفي هذا المقال سأكتب عن تجربة سيئة في خدمة المستفيدين، لعل وعسى أن تصل لمن يهمه الأمر، ويتم معالجة الخلل الذي أرهق الكثير من المستفيدين أفراداً وأصحاباً للأعمال.

قبل عدة سنوات كانت مسألة إنهاء معاملة في وزارة العمل أو أحد مكاتبها المنتشرة في المملكة أمرا معقدا يحتاج للوقوف لساعات طويلة دون أي ضمان لإنهاء معاملات المستفيدين، وكانت مسألة الحصول على معلومات معينة متعلقة بخدمات وزارة العمل أمرا ضبابيا قد يصل للسفر لمقر الوزارة في الرياض حتى يتم الوصول للمعلومة الصحيحة، وتسببت تلك المعاناة في خلل كبير في سوق العمل وكانت سبباً من أسباب تدهور السوق في الفترة الماضية، ولكن الأمر تغير بشكل كبير من خلال إدخال التقنية التي سهلت إنهاء العديد من المعاملات وبشكل سلس؛ مما أدى ذلك لانخفاض كبير في زيارة فروع مكاتب العمل.

وزارة العمل خصصت رقما موحدا لـ«خدمة العملاء» في إطار تطوير وتحديث أساليبها التقنية في التواصل مع عملائها، وليمكّن الرقم الجديد عملاء الوزارة من تنفيذ العمليات التي يرغبون فيها سواء كانت خدمات أو بلاغات أو مقترحات واستفسارات. وتلك الخطوة كانت في «وقتٍ ما» مميزة وسهلت إنهاء العديد من الخدمات والاستفسارات ذات العلاقة بين الوزارة والمستفيدين من خدماتها، ولكن في الوقت الحالي تعتبر تلك الخدمة من أسوأ خدمات التواصل لجهة حكومية خدمية مع المستفيدين.

ما أتمناه من وزير العمل أو مساعده أو نائبه، بأن يقوموا بالاتصال بهذا الرقم وتجربة الخدمة، وقبل ذلك أقترح أن يكون لديهم وقت فراغ لا يقل عن نصف ساعة، لأن الرد على مكالمتهم قد يستغرق تلك المدة أو أكثر، وأتمنى منهم أن يتقبلوا بصدر رحب أسلوب «التسليك» الذي سيقدمه لهم موظفو مركز الاتصال عند التعامل مع طلبهم او استفسارهم، وألا يتفاجؤوا عند إغلاق طلبهم بعد فترة دون أي مستجدات تُذكر، وهذا الواقع أذكره من تجربة شخصية ومن تجارب للعديد من العملاء الذين قرروا مقاطعة تلك الخدمة والذهاب لمكاتب العمل بالمنطقة، والتي تغيرت بشكل كبير خلال السنوات الماضية في خدمة المستفيدين وباحترافية واضحة وبمتابعة مستمرة من مديريها.

لا أعتقد أن مفهوم خدمة «العملاء، المستفيدين، المراجعين» أياً ما كان المسمى هو مفهوم جديد على وزارة العمل، في ظل التطورات الإدارية والتقنية والمستجدات المتسارعة في أساليب التميز في خدمة العملاء، ولكن أعتقد أن وزارة العمل أوكلت تقديم تلك الخدمة لطرف ثالث خارجي لم ينجح في تلك المهمة، وأعتقد أن مزود تلك الخدمة لم يقم بتثقيف موظفيه عن طبيعة خدمات وزارة العمل أو حتى الإجراءات المتبعة، وأجزم بأن مزود الخدمة لم يدرب موظفيه على ثقافة التعامل مع العملاء؛ مما أدى للوصول لمستويات ضعيفة أضرت بسمعة وزارة العمل.

إنصافاً للحق، هناك فرق كبير وَواضح في الخدمات المقدمة بين الرقم الموحد المخصص للعملاء وبين موظفي فروع مكاتب العمل، ومهما وصل التطور التقني فلن يغني ذلك عن زيارة مكاتب العمل لإنهاء بعض المعاملات، ولو كان بيدي من الأمر شيء سأحاسب جميع مسؤولي خدمة الرقم الهاتفي على تقاعسهم في خدمة المستفيدين وَ«تصريفهم»، وأكافئ جميع موظفي فروع مكاتب العمل على احترافيتهم والرقي في تعاملهم مع المستفيدين وإنهاء إجراءاتهم والرد على استفساراتهم.

ختاماً: أتمنى من مسؤولي وزارة العمل عمل استبيان عن تقييم جودة الخدمات المقدمة من خلال مركز الاتصال الموحد، واتخاذ الإجراءات العاجلة حتى تتضح الصورة بشكل أكبر.

@Khaled_Bn_Moh