فهد السلمان

لا شيء يوجع القلب أكثر من مشهد شخص يستجدي العلاج لنفسه أو لأحد أفراد أسرته، عبر الإعلام أو وسائل التواصل والميديا الجديدة. قمة البؤس ألّا تجد مناصًا من أن تظهر في أوج ضعفك أمام الناس، أو أن تشعر أن الإعلام هو الباب الأخير الذي لا بد من أن تطرقه على الملأ، على أمل أن يرقّ لك قلب أحدهم فيأخذ مأساتك إلى من يمكنه أن يساعدك، قبل أن ترفع رايات الاستسلام لقلّة حيلتك. وقمة التفريط ألا تكون هنالك مرجعية رسمية يأوي إليها أولئك الذين تلفظهم المستشفيات لسبب أو لآخر لينقلوا تشفّعاتهم عبر الإعلام، أو تشح إمكانياتها عن علاجهم إمّا للكلفة أو لنقص التخصص، وقمّة اللامسؤولية ألّا يكون هنالك متسع واضح في المستشفيات الخاصة التي تتربّح بأمراض الناس للمساهمة وفق إمكاناتها في التصدّي لبعض تلك الحالات.

ولكن، وقبل أن تنبري جهات الدفاع اللوجستي بعدم المسؤولية من قبل جهات الاختصاص، أو التذرع بأن هنالك لجانا طبية معنية بذلك، رغم معرفتنا بآلياتها التي تجلب المرض، بل وقبل أن تبدأ سلسلة المعاذير والتبريرات لبزوغ مثل هذه الحالات، أريد أن أعترف أن معظم تلك الحالات إنما هي لأمراض نادرة، وربما شبه مستعصية، وبالتالي فهي غالبًا ما تبحث عن العلاج في الخارج، وهنا مربط الفرس، فوزارة الصحة مسؤولة أمام الله ثم الملك عن صحة كل مواطن، ودورها بالتالي لا ينتهي عند عبارة «إن المذكور أدخل المستشفى وتم إجراء الفحوصات، وأعطي العلاج اللازم»، ما لم يتم شفاؤه، لأن الغاية ليستْ هي دخول المستشفى، ولا حتى الانتقال من مستشفى طرفي عام إلى مستشفى مرجعي أو تخصصي وكفى الله المؤمنين، وإنما الغاية تتمثل في حقيقة الوصول إلى علاج ناجح أو جراحة ناجحة، ما لم يتمّ ذلك، فما عداه مجرد إجراءات استقصائية، أو حتى محاولات للوصول إلى الشفاء دون نيله، وبالتالي فإن مسؤولية وزارة الصحة لا بد وأن تبقى قائمة إلى أن تنقطع المعاناة، وستمتد حتمًا إلى البحث في البدائل الخارجية، هذا حق لا منّة لأحد فيه، ولن تتمّ رسالة الصحة أو يبيض الله وجهها إلّا بتمامه، والوصول بالمريض بعد توفيق الله إليه، أو انسداد الأفق محليًا وخارجيًا لا سمح الله دونه، أما حكاية «وصّلتينا لنصف البير، وقطعتي حبلك فينا» فهذا ما لا يمكن قبوله كحجة لوقف تلك الصرخات التي تخلع القلوب. أنا أتمنى حقيقةً أن يأتي اليوم الذي تستطيع فيه وزارة الصحة أن تحاسب من يتسوّلون العلاج إعلاميًا، على اعتبار أنه تشهير بخدماتها، ونيلٌ مجحفٌ من جهودها، ولكن بعد أن تضع في متناول كل صاحب حالة السلّم الذي يؤمّن له الوصول إلى آخر البئر، وإلى أفضل ما هو متاح من تدابير العلاج داخليًا وخارجيًا.. قولوا آمين.

fmsr888@gmail.com