د. عبدالوهاب القحطاني

تعد البنوك السعودية من أهم دعائم الاقتصاد السعودي منذ قيام المملكة، حيث إن قوة ومتانة القطاع البنكي تزيد من قوة منافسة الاقتصاد السعودي عالميا. وتلعب المؤسسات البنكية السعودية دورا بارزا في التنمية الاقتصادية في المملكة، حيث ساهمت في توظيف الكوادر الوطنية وزيادة وتدوير رأس المال ودعم مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص بالقروض التي ساهمت في توسع مشاريعها. ولقد ساهم القطاع البنكي في تدريب السعوديين الذين التحقوا للعمل في بنوكه، حيث يحتل عدد كبير منهم مراكز قيادية عالية ساهمت في صناعة القرارات الإستراتيجية التي نلمس ثمارها اليوم.

وبالرغم من التقدم الملموس في القطاع البنكي السعودي، إلا أنه لا يزال غير منافس مقارنة بما وصلت إليه البنوك الأجنبية في الكثير من الدول المتقدمة والنامية. حيث يفتقر القطاع البنكي السعودي للحساسية الشديدة تجاه الزبون سواء من ناحية جودة الخدمات البنكية وتنويعها أو مواجهة متطلبات قطاع الأعمال بالقروض وشروطها. بلا شك يحتاج القطاع البنكي في المملكة إلى تطوير الخدمات المقدمة لزبائنه؛ لأن قدوم المنافسين الأجانب يعني توجه زبائن البنوك السعودية إلى البنوك الأجنبية المنافسة.

لا يزال تسويق الخدمات البنكية في غالبية البنوك السعودية مبنيا على مفاهيم قديمة تتبعها عندما كانت بيئة المنافسة في القطاع البنكي محدودة بعدد قليل من المنافسين لخدمة عدد كبير من الزبائن، ما جعل قوة التفاوض بيد المؤسسات البنكية وبالتالي أثر سلبا في جودة خدماتها. ولقد تغيرت اللعبة اليوم بزيادة عدد البنوك العالمية المنافسة، بحيث أصبحت قوة التفاوض من حيث السعر والجودة بيد الزبون بينما كانت في السابق بيد البائع الذي يضع السعر الذي يحقق له ربحا عاليا بغض النظر عن رضا الزبون أو عدمه.

وهذه بعض النقاط الهامة التي أرى تقصير البنوك السعودية فيها، لذلك أرى ضرورة تحسينها للوصول إلى التنافسية والمحافظة على حصتها وجذب زبائن جدد. أرى أهمية تطوير وظيفة التسويق في البنوك السعودية؛ لأن تسويق الخدمات البنكية من أعقد أنواع التسويق من حيث الإقناع والرضا. إن زيادة عدد وجودة الخدمات البنكية المقدمة للزبائن ضرورة قصوى؛ لأن قدوم المنافسين الأجانب إلى سوق الخدمات المالية سيتيح لزبائن البنوك السعودية الفرصة لتحويل حساباتهم إلى البنوك الأجنبية ما يجعل البنوك السعودية تواجه صعوبة في إقناع زبائنها للبقاء معها عندما تستخدم سياسات الترضية بدلا من سياسة رضا الزبون، حيث إن الترضية رد فعل على ما تواجهه من منافسة أجنبية عندما يتركها الزبون إلى بنوك أجنبية أخرى، بينما تحقيق رضا الزبون يعتبر سياسة سباقة وأصيلة في ثقافة البنوك التي تتمتع برؤية إستراتيجية بعيدة المدى.

لابد من تيسير القروض الصغيرة والكبيرة لتلبية احتياجات المقترضين وتوسيع قاعدة تنويع الاستثمار للبنوك حتى لا تعتمد على مصدر ضيق لنموها. إن الحساسية الشديدة في التعامل مع الزبائن الحاليين والمتوقعين من قبل موظفي البنوك السعودية ذات أهمية كبيرة في العلاقة الطويلة الأجل لأنها مباشرة بين الزبون والموظف، ما يجعلها تترك انطباعات إيجابية أو سلبية.

وعلى البنوك السعودية بذل الكثير من العمل في ما يخص المسئولية الاجتماعية في العديد من المجالات. وهناك فجوة كبيرة بين ما يتوقعه المجتمع من البنوك السعودية وما تقدمه، لذا تحتاج للمزيد من الدعم لبناء ولاء يخدمها، خاصة بعد دخول البنوك الأجنبية إلى قطاع البنوك في المملكة.