كانت صادمة الكلمات التي تفوه بها السيد غسان سلامة مبعوث الأمين العام إلى ليبيا عندما حذر في حديث له من خطورة الأمور، وتعقد الأوضاع في ليبيا، عندما قال وبدون لَبْس: إن في ليبيا ما يكفي من الأسلحة، ومن المرتزقة. هذه العبارات كانت تصف وبشكل مؤلم إحدى حقائق الوضع في ليبيا. الذي أثار كل هذه الزوابع من داخل، وخارج ليبيا هو التحرك التركي والاتفاق الذي وقع بين أردوغان وفايز السراج حول التعاون فيما يخص الحدود البحرية، والتعاون بخصوص الثروات، والمنافع التي يمكن أن يجنيها الطرفان. تركيا السيد أردوغان وقفت في وجه سيل كبير من الآراء، والانتقادات، للخطوة التركية التي يشار إليها في كثير من المناسبات بأنها شهية كبيرة ومفتوحة للتوسع، وجني أموال وخيرات الليبيين. وأبعد من ذلك وصفه البعض بالتدخل والاحتلال السافر والمباشر لأرض عربية. تسعى تركيا إلى احتلالها والاستفادة من ثرواتها في ظل غياب الدولة الوطنية الليبية، وفِي ظل عدم وجود موقف عربي، إقليمي، دولي موحد. يقول للتغول التركي قف. الموقف العربي شهدنا تبلوره قبل أسابيع عندما بين المجتمعون هناك رفض الجانب العربي، لكل الإجراءات التي تبنى على اتفاق السراج أردوغان، القاهرة أصبحت عاصمة حركة متسارعة تبحث عن حل مع الأشقاء العرب، وتحاول عبر مواقفها الدولية والإقليمية إفهام الجانب التركي أنه يسير في طريق ليس صحيحا. مصر عضو إقليمي وليس وحيدا في هذا الجانب، فهناك أعضاء آخرون من بينهم الأقربون في الجزائر التي حاولت احتضان لقاء تركي، ليبي، تونسي جزائري. ثم كانت الإشارات التي توالت من الجانب التونسي الذي أكد عدم تفريطه في سيادته والسماح لأي طرف كان، والمقصود هنا الطرف التركي، باستخدام الأجواء، والأراضي التونسية للدخول، والخروج من وإلى ليبيا. الموقف الذي جاء رافضاً لكل المحاولات التركية كان الموقف السعودي الذي أكد على رفض الخطوة الأولى، والتي بدأت تركيا تتحدث عنها بشكل يريد أن يوصل رسالة مفادها أن الحضور التركي العسكري أصبح واقعاً، وأن طلائع القوات التركية بدأت تصل إلى الأرض الليبية. لكن الموقف السعودي كان متنبها إلى كل هذه المراوحات التي تسعى القيادة التركية من خلالها لكسب الوقت، ووضع الجميع أمام الأمر الواقع. دول الجوار الإقليمي كان لها موقف تمثل في أكثر من تصريح من القوات السياسية، والعسكرية الأوروبية التي في البداية ذكرت كل الأطراف بضرورة التهدئة، وأكدت للجميع ضرورة ضبط النفس، وعدم التصعيد. كل هذه المراوحات تتوالى والداخل الليبي تتصاعد فيه وتيرة الحركة، والصراع، ووضعت القوات الوطنية الليبية يدها على بداية السطر عندما تمكنت من السيطرة بشكل يكاد يكون كاملا على مدينة سرت من أيدي جماعات متفرقة مدعومة من حكومة الوفاق، الجيش الوطني الليبي أكد حضوره، ووجده داخليا بتأمين مدينة سرت ومنافذ الدخول عليها، ولفتت أخبار من الداخل الليبي إلى أن الناس كانوا الداعم الأول للجيش الوطني الليبي، حيث كان محل ترحيب، وتسنى له وبسهولة السيطرة على القاعدة الجوية، ومرافق المدينة المهمة. مثل الميناء وغيرها. سرت اليوم أصبحت علامة بارزة في مسيرة العمل العسكري والسياسي الليبي، حيث سيكون تأمينها خطوة فاعلة جدا تمهد الطريق لاستكمال استعادة طرابلس، وربما الذهاب إلى ما هو أبعد من مدن الغرب الليبي مثل مصراتة التي يقال إن تركيا خزنت فيها عتادا عسكريا وأنها أنزلت هناك طلائع مدربين عسكريين، في الوقت الذي تحدثت مصادر أخرى عن إنزال مرتزقة يحملون جنسية عربية تم توظيفهم عبر تركيا. هذه الخطوة خطيرة وتجعل الصراع حالاً بين الفرقاء، بما يعكس صلف، وحب سيطرة الجانب التركي. المنظومة الدولية اليوم وفي وقائع تزايد أيدي الفاعلين في القضية الليبية تشخص ببصرها إلى اجتماع يقال إنه سيعقد قريبا في برلين بألمانيا، وأنه سيكون دائرة نقاش لليبيين، وستحضره دول الجوار المهتمة. ما الذي سيحدث كلنا في الانتظار.