اليوم - الدمام

17 ألف إصابة بـ«طيف التوحد» في الشرقية.. و95 % من العاملين بالمركز سعوديون

أطلق برنامج الفوزان لخدمة المجتمع، باقة من الفعاليات المجتمعية، من برامج ومبادرات تطوعية، غنية بقيمها وأثرها الاجتماعي الكبير، وذلك في إطار برامج المسؤولية الاجتماعية التي يتميز بها.

»طاقات مادية وبشرية

ووجه البرنامج الطاقات المادية، والبشرية، وتحويلها إلى عمل اجتماعي متوازن، من خلال مبادرات وبرامج، ترفع من مستوى المجتمع، ثقافيا، ومعيشيا، وتصبح رافدا مهما في دعم التنمية الاجتماعية، إذ كرس البرنامج جهوده من أجل إبراز دور المواطن السعودي، المباشر والفاعل في حركة التطور والتنمية المجتمعية في المملكة، بشكل عام.

» تأهيل احترافي

ويستهدف برنامج الفوزان لخدمة المجتمع، تحقيق الريادة على المستوى الإقليمي في برامجه وخدماته، من خلال السعي الدائم لتنمية قدرات فريق عمل البرنامج، وتنمية قدرات القيادات الشابة، التي تسعى لإدارة الأنشطة والمبادرات الخيرية والتطوعية، عبر تأهيل أكاديمي احترافي وعالي المستوى.

ويسعى البرنامج للتكامل مع البرامج التي تنفذها الجهات الحكومية والخاصة، استثمارا للجهود، وترشيدا للموارد، ووصولا لعدد أكبر من المستفيدين، وقياس مدة جودة واحترافية الأداء من خلال رضا الفئات المستهدفة.

» أهداف إستراتيجية

ويسعى برنامج الفوزان لخدمة المجتمع، ضمن أهداف البرنامج الإستراتيجية، لأن تكون برامجه ومبادراته، قابلة للنمو والتطوير المستمر، عبر مجالات جديدة للتطوير نحو السعي لاستدامة فاعلة في العمل الخيري، باستخدام أحدث التقنيات على الصعيد البحثي - الاستشاري، وكذلك على الصعيد التقني - الفني، واستقطاب أفضل الكفاءات في المجالات التقنية لدعم المبادرات والأنشطة المختلفة.

» مجتمع متكامل

ويكفل برنامج الفوزان، العديد من المشروعات والمبادرات المتعددة والمتنوعة في أكثر من مجال، ما يؤكد مدى حرص القائمين على هذا البرنامج، وسعيهم الدؤوب لتعميم فائدة المشروعات التي يشرفون عليها، وهو ما يتماشى مع رؤية المملكة الطموح، في جعل المجتمع السعودي مجتمعا حيويا ومتكاملا في عطاءاته.

» برامج وجوائز

ومن هذه المبادرات، جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد، وهو برنامج وجائزة لإبراز دور العمارة في المساجد محليا وعالميا، وهو برنامج شهري يستهدف استضافة محاضرين مشهورين لإلقاء ندوات ثقافية، ومبادرة الأيادي البيضاء، وهو مركز متطور لخدمة المعاقين في مدينة الزلفي، ومبادرة الإسكان الميسر، وهو برنامج لتوفير حلول إسكانية ميسرة للمحتاجين من الأسر التي لا يتوافر لديها مصدر دخل، ومبادرة تجزئة، وهو برنامج لتدريب الشباب على قطاع البيع بالتجزئة وتخريجهم لاستلام أعمال في هذا القطاع، ومبادرة تسوير، وهو برنامج لوضع أسوار حول الآبار والحفر العميقة في البر حفظا للأرواح من السقوط فيها، وجمعية ارتقاء، وهو برنامج لإعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية التالفة أو القديمة، وأخيرا مركز عبداللطيف الفوزان للتوحد في مدينة الخبر.

» مركز اضطراب التوحد

ويعتبر مركز عبداللطيف الفوزان للتوحد في مدينة الخبر، أكبر مركز متخصص وشامل لذوي اضطراب التوحد في الخليج العربي، ومن الأكبر في العالم، والذي يقدم خدمة نوعية للأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد، إلى جانب تأهيل وتدريب أسر الأطفال على كيفية التعامل معهم، وفق أحدث الوسائل التعليمية والتجهيزية في العالم.

» معايير عالمية

وأنشئ المركز وفق أحدث المعايير العالمية الحديثة في التصميم والتجهيزات، ويدار بكفاءات متخصصة، تكشف عن الخبرات الطويلة لدى الفوزان في المبادرات الاجتماعية التي تخدم المجتمع، وترتقي بمساهمة الفئات الخاصة وفق مستهدفات رؤية 2030، وتطلعات المملكة لبناء مجتمع حيوي ومتحضر.

وتجاوزت تكلفة المركز الذي تم إنشاؤه في مدينة الخبر على مساحة 16857 مترا مربعا، أكثر من 60 مليون ريال، ويقدم خدمات نوعية للأطفال من ذوي اضطراب التوحد، وتوفير احتياجاتهم من أدوات ووسائل تعليمية وتأهيلية، إلى جانب تدريب أسرهم على كيفية التعامل معهم.

ويستهدف المركز، الأطفال التوحديين، الذين تنطبق عليهم الشروط المعتمدة من وزارة التعليم، وسيكون تعليم الأطفال حتى سن 9 سنوات بواسطة طاقم تعليم نسائي، ويشارك المركز في المناسبات والفعاليات الخاصة باضطراب التوحد محليا وإقليميا ودوليا.

» أنماط طيف التوحد

واضطراب طيف التوحد، عبارة عن حالة ترتبط بنمو الدماغ، وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين، والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، ما يتسبب في حدوث مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي.

ويتضمن الاضطراب أنماطا محدودة ومتكررة من السلوك، ويمكن معرفة حالة اضطراب طيف التوحد من خلال عدم استجابة الطفل عند مناداته باسمه، أو يبدو كأنه لا يسمع، ويرفض العناق والإمساك به، إضافة إلى ضعف التواصل البصري، وغياب تعبيرات الوجه، وعدم الكلام أو التأخر في الكلام، وعدم القدرة على بدء محادثة أو الاستمرار فيها، والكلام بنبرة أو إيقاع غير طبيعي، وقد يستخدم صوتا رتيبا، أو يتكلم مثل الإنسان الآلي، ويكرر الكلام أو العبارات الحرفية دون أن يفهم كيفية استخدامها، ويبدو في حالة عدم فهم للأسئلة أو التوجيهات البسيطة.

ويذكر أن تكلفة متابعة حالة التوحد، تختلف حسب عمر المصاب، وحالته، ومستوى اضطرابه، ويحتاج المصاب، وفقا للتشخيص، إلى رعاية نهارية مع أخصائي تأهيل «تخاطب، نفسي، وظيفي، طبيعي، تنمية مهارات».

» تصميم المركز

وصمم سايمون همفريز، وهو مهندس متخصص في التوحد، مركز عبداللطيف الفوزان للتوحد من قبل، كما صمم العديد من مباني التوحد في جميع أنحاء العالم.

ويستند تصميم المركز على المعايير العالمية لتحقيق الاحتياجات المحددة للأطفال المصابين بالتوحد، وكيفية استجابتهم للبيئة، بحيث يكون هيكل المبنى متوازنا، وهادئا، ومرتبا، وبسيطا، وتكون المساحات التي يتحرك فيها طفل التوحد مفهومة وسهلة وخالية من التعقيد، وتستخدم أقل عدد ممكن من المواد والألوان المختلفة لتوفير قدر أقل من التشتت والعزلة، والمبنى العام قابل للتكيف، ولديه مساحة كبيرة من المرونة، وقابل للتعديل، لتحقيق الاستجابة للحاجات التي تخدم أطفال التوحد في المستقبل.

» مواصفات الطوابق

خصص الطابق الأرضي من المركز لخدمة التدخل المبكر لذوي اضطراب التوحد «3-9» سنوات، من الذكور والإناث، باستثناء الجزء الغربي منه، الذي خصص بشكل مستقل للإناث فوق 9 سنوات.

ويحتوي الطابق الأرضي على عشرين فصلا مجهزا بأحدث الوسائل التعليمية، وقاعتين للطعام، وصالة متعددة الأغراض ومكتبة، ومعامل مدرسية، ومكاتب إدارية للمعلمات والإدارة النسائية.

وتم تخصيص الطابق الأول لخدمة ذوي اضطراب التوحد للبنين فوق 9 سنوات، ويحتوي الطابق الأول على عشرين فصلا دراسيا مجهزا بأحدث الوسائل التعليمية، وقاعتين للطعام، وصالة متعددة الأغراض، ومكتبة، ومعامل دراسية، ومكاتب إدارية للمعلمين والإدارة، وقسم الشؤون الأسرية للقسمين البنين والبنات، فيما يحتوي الطابق الثاني على صالة رياضية، ودورات مياه وخدمات مساندة.

» بداية الإطلاق

انطلقت المرحلة الأولى في أكتوبر 2019، بعدد 31 طفلا في مرحلة التدخل المبكر، وهي مرحلة أولى من أربع مراحل لاحقة، ويخدمهم 36 من الكوادر متعددة التخصصات.

ويغطي المركز جوانب في علاج اضطرابات التوحد، ابتداء من التشخيص، مرورا بالتدخل المبكر، والتعليم الأساسي، والتعليم المتخصص، والتدريب على المهارات الحياتية اليومية، انتهاء بالتأهيل المهني حسب الفئات العمرية، إضافة إلى تعليم وتأهيل الطلاب التوحديين من الجنسين وفقا لضوابط الفئة العمرية في وزارة التعليم.

» كوادر مؤهلة

يدار مركز عبداللطيف الفوزان للتوحد بكوادر سعودية، تم تأهيلها وتدريبها تدريبا عاليا في العديد من التخصصات والخدمات، ويبلغ عدد طاقم العمل في المركز 300 كادر متعدد التخصصات والخدمات المساندة لخدمة 240 مستفيدا من ذوي اضطراب التوحد، ويشكل السعوديون 95% من إجمالي القوى العاملة في المركز، فيما يشكل العنصر النسائي نسبة 60 -70% من الكوادر المتخصصة.

» أهم الإنجازات

وحقق برنامج الفوزان لخدمة المجتمع، الكثير من الإنجازات، منها توقيع اتفاقية تشغيل مع وزارة التعليم، يسند التشغيل فيها إلى شركة خدمات التوحد التعليمية الوقفية، وتم بموجب هذه الاتفاقية إصدار الترخيص الخاص بتشغيل المركز من قبل الشركة، إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم إستراتيجية مع شركة أرامكو السعودية، لخدمة المستفيدين من أبناء وبنات ذوي اضطراب طيف التوحد في المنطقة الشرقية.

» اتفاقيات تعاون

ويجهز البرنامج حاليا، لتوقيع اتفاقيات مع عدد من الجهات، منها اتفاقية اعتماد مع منظمة التوحد الوطنية البريطانية NAS، واتفاقية تدريب وتوطين المعرفة للكوادر التعليمية في المركز مع مركز CLM الأمريكي، واتفاقية تدريب وتوطين المعرفة للأهالي والمتخصصين مع مركز RDI الأمريكي، واتفاقية تعاون مع Autism Speaks. أيضا جارٍ الإعداد والتجهيز لتوقيع اتفاقية مع اليونسكو في مجال التميز في خدمة ذوي اضطراب طيف التوحد تعليميا.

» مراكز للعلاج

تولي المملكة العربية السعودية، أطفال التوحد، اهتمامها، ويتجلى ذلك في مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بإنشاء برنامج الأمير محمد بن سلمان للتوحد، وافتتاح 7 مراكز تابعة لمستشفيات القوات المسلحة موزعة جغرافيا حول المملكة لعلاجه، تمثلت في كل من: الرياض، جدة، الطائف، تبوك، حفر الباطن، خميس مشيط، والظهران.

وذكر تقرير للبرنامج أن عدد الأطفال المصابين بالتوحد في السعودية يتراوح ما بين 48 - 50 ألف طفل، واستقبل البرنامج منذ تأسيسه ما يقارب 2446 طفلا مصابا بالتوحد، وتظل هذه النسبة أو هذا العدد أقل من نصف النسبة العالمية، بحسب منظمة الصحة العالمية، وأقل بأكثر من ستة أضعاف مما نشر عن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأمريكية.

» عوامل متداخلة

وهناك عدة عوامل متداخلة قد تساهم في عدم الوصول إلى إحصائية دقيقة عن حالات الإصابة باضطراب طيف التوحد في السعودية، أبرزها قلة وعي المجتمع، أو بالأحرى الأسر، وعدم معرفتها ما إذا كان لديها فرد مصاب باضطراب طيف التوحد، فقد يكون لدى بعض الأسر أطفال مصابون بالمرض، ولا يتلقون خدمات أو لم يتم تشخيص حالتهم أو أنه تم التشخيص باضطرابات أخرى، ومن العوامل أيضا تحرج بعض الأسر من الإفصاح عن وجود الحالات.

» إصابات الشرقية

وحسب التقرير الصادر عن مركز الملك سلمان للإعاقة، فإن حالات الإصابة باضطراب طيف التوحد في المنطقة الشرقية، تبلغ 17388 حالة، منها 8597 للذكور، و8791 للإناث، من جملة حالات الإعاقة بكل أنواعها، والتي سجلت 241.301 حالة.

وذكر ذات التقرير أن حالات فرط الحركة وتشتت الانتباه في المنطقة الشرقية، تبلغ 3629 حالة، منها 2094 للذكور و1535حالة للإناث، وأن حالات الإصابة بمتلازمة داون بلغت 3599 حالة، منها 1174 حالة بين الذكور، و2425 حالة بين الإناث، فيما تم تسجيل 103365 حالة إعاقة سمعية، منها 56996 بين الذكور و46369 حالة بين الإناث، وهناك 22583 حالة إعاقة سمعية في المنطقة الشرقية منها 9478 حالة بين الذكور، و12835 حالة بين الإناث، فيما سجلت الإعاقة الحركية 97970 حالة منها 38742 حالة بين الذكور و59228 حالة بين الإناث.

» توعية وتدريب

وتساعد زيادة وعي أفراد المجتمع، بمن فيهم الأسر، بقدرات الأفراد المصابين بالاضطراب، في تغيير الاتجاهات السلبية، إضافة إلى تقديم الخدمات ذات الجودة العالية، لتمكين الأفراد والمصابين، ليسهموا في بناء وتنمية المجتمع.

وباعتباره من أحدث المراكز، وبما لديه من كوادر متخصصة في أكثر من مجال، يمكن لمركز عبداللطيف الفوزان للتوحد أن يسهم بصورة فاعلة في الانتقال بحالات اضطراب طيف التوحد من خانة العتمة والتغييب، إلى دائرة الضوء، والمساهمة بالبحوث العلمية، من خلال المشاركات في الفعاليات المحلية والإقليمية والعالمية. ويعمل المركز جاهدا للوصول إلى نسبة الانتشار الحقيقية، والتي يجب اعتمادها كإطار لتطوير السياسات واتخاذ القرارات وتقديم الخدمات المناسبة لذوي اضطراب طيف التوحد وأسرهم في المملكة.

» إشادة واهتمام

وأشاد المدير التنفيذي لجمعية التوحد الأمريكية د. سكوت باديسش، بالمساهمات الكبيرة التي يقدمها القطاع الخاص في مجالات ذوي الإعاقة بشكل عام، وتجاه مرض التوحد بصفة خاصة.

ونوه باديسش، خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الخامس للإعاقة والتأهيل، الذي نظمه مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، بالاهتمام الكبير الذي توليه مؤسسات القطاع الخاص في المملكة لتقديم الخدمات لذوي الإعاقة، في إطار دورها المجتمعي، بالتعاون مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الداعمة للأفراد والأسر المصاب أحد أفرادها بمرض التوحد.

» التجربة الأمريكية

وذكر د. باديسش، أن المصابين بمرض التوحد يبحثون دائما عن الدعم، وتوفير الموارد لاستكمال التأهيل والعلاج، وهو ما لا تستطيع جهة واحدة القيام به.

وأوضح أن هناك ما يقرب من 1.5 مليون جمعية ومؤسسة حكومية وجامعية تنمو بصفة يومية في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى وجود 270 وحدة مستقلة وعدد كبير من الهيئات، مشيرا إلى التعاون الكبير بين القطاعين العام والخاص وغير الحكومي في دعم احتياجات الأفراد والأسر المتأثرة بالتوحد.

» قصص نجاح في التوحد

تجربة أبو فهد

قال «أبو فهد»، وهو والد طفل مصاب بالتوحد، إن حياة ابنه «سعود» اليومية، ممتعة جدا، إذ فاز سعود بالمركز الثاني على مستوى المملكة في مسابقة لحفظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة، بفضل الله ثم بفضل جهود المركز الذي هو فيه، وجهود والدته التي تواصل تعليمه وتحفيظه.

وفي عام 2012، أسس أبو فهد وزوجته صفحة مساندة التوحد التطوعية، لتوعية الذين ليست لديهم أدنى معرفة بما هو التوحد، وقال أبو فهد: «عند تشخيص سعود، كنا نجهل كل شيء عن التوحد، فجاءت الفكرة متمثلة في أن نؤسس صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لتعريف الناس بالتوحد، والخطوات البسيطة التي من الممكن أن يقوموا بها، لاحتواء مثل هذه الأشياء، سواء الصدمة الأولى للأسرة عندما تعلم بتشخيص ابنها، أو كيفية التعامل مع الطفل بعد ذلك».

» قصة الحوسني

رافقه مرض التوحد منذ ولادته، إذ كان يعاني من بعض المشاكل الصحية، رافقتها صعوبة في النطق، والتواصل مع الآخرين، وجاء تشخيص المرض مع الطفل خالد الحوسني صادما لعائلته، الذين كانوا يعانون من صعوبة إشراك طفلهم في الحياة الاجتماعية، ومن عدم قدرته على التكيف مع العالم المحيط به، ولكن ذلك كله بدأ بالتلاشي عندما أخذت والدته عهدا على نفسها بأن تجعل من طفلها إنسانا آخر، وكان لها ما أرادت.

واستطاعت أن تجعل طفلها المنعزل متفوقا كغيره من الأطفال الذين لا يعانون المرض نفسه، ولم يكتف خالد بتفوقه الأكاديمي، بل سعى ووالدته إلى أن يتميز في مجالات أخرى، فتميز في الأولمبياد، وكانت له مشاركات عديدة في نشاطات عدة من أنشطة المدرسة.

ومن جانب آخر أصبح خالد يحظى بصداقات عديدة، وأصبح قادرا على إقامة العلاقات بكل سهولة ويسر، واستطاع خالد ووالدته بقوة إيمانهما وعملهما المستمر محاربة التوحد، والصعود عن طريق سلم النجاح إلى التميز والتفوق.

» كفاح أم

ولدت طفلها الأول ولادة طبيعية دون أي مشاكل تذكر، أو حتى مشاكل وراثية لهذا النوع من الاضطرابات، كان نموه طبيعيا دون أية بوادر لهذه المشكلة حتى عمر سنة ونصف السنة، حيث بدأ بالانتكاس الشديد المنتهي عند السنتين، بعدم التواصل بجميع أشكاله، والانفعال، واضطراب الأكل والنوم، والمشاكل الحسية.

تأكدت بعد ذلك أن ابنها مصاب بمرض طيف التوحد، تحدت كل العقبات بدءا من البيئة المحيطة، والحصول على تقرير طبي الذي لا يمنح إلا بعد سن الثالثة، لاحتمالية وجود تأخر طبيعي عند الطفل، وبعد الحصول على التقرير الطبي بالحالة، كانت العقبة الأكبر البحث عن مركز تأهيل، فذوو اضطراب طيف التوحد يحتاجون لعلاج تأهيلي مكثف، خاصة في العمر المبكر، كي يتمكن من الدمج مع المجتمع بشكل سليم.

خاضت الأم حربا مع الوقت لتمكين ابنها من التكيف مع البيئة الطبيعية، قبل عمر 6 سنوات «وهي سن الالتحاق بالمدرسة»، تركت عملها وتفرغت لمجالسته، مع مواصلتها الدراسة في مجال تحليل السلوك التطبيقي، حتى وصلت مرحلة الماجستير، وتم قبول ابنها في مدرسة طبيعية عالية المستوى، وارتفع مستواه الأكاديمي بشهادة معلميه، وهذا ما يدل على أن هذه الفئة تحتاج فقط للدعم والاحتواء والمتابعة، لتتكيف مع البيئة، لعدم وجود نقص فيها، ولكن لوجود اختلاف لا أكثر ولا أقل.