عبدالرحمن المرشد almarshad_1@

في السابق قبل ظهور وسائل التواصل والتقنية بشكل عام، كانت تربية الأبناء يسيطر عليها الوالدان والمدرسة والكتاتيب في الأزمنة القديمة، وليس هناك مجال لتدخل عنصر آخر سوى جماعات الأصدقاء، التي يمكن التكيف معها من خلال منع الأبناء من الذهاب إلى أصدقاء السوء قدر المستطاع، بعد ذلك مع تطور التقنية وظهور الإذاعة والتلفزيون أصاب البعض من الأهالي ذعر كبير من تلك الأجهزة الحديثة، وأنها تشكل خطرا كبيرا كما يصفون بحكم أنها أصبحت تشاركهم في تربية أبنائهم من خلال ما تبث من برامج ومسلسلات وأفكار تعتبر غريبة وجديدة عليهم، وكانت تطلق تحذيرات في تلك الفترة من عدم ترك الأبناء أمام شاشات التلفزيون فترات طويلة دون رقابة. انتهت تلك الفترة بعد أن تأقلم الناس على تلك المستجدات، ولم تكن تلك الأجهزة الحديثة في رأيي ذات خطر كبير على الأفكار أو تتدخل في التربية مع الوالدين بشكل مؤثر؛ لأننا في النهاية نستطيع التحكم والتعامل معها بأكثر من طريقة، ولكن لو قدر لأولياء الأمور أن يعيشوا هذه المرحلة وكيف أن وسائل التواصل أصبحت تخاطب فلذات أكبادنا وهم بجوارنا وتتعامل معهم ولا نستطيع أن نفعل شيئا حقيقيا تجاه هذا الأمر، فالأطفال قبل الكبار بين أيديهم الآيباد ويتصفحون كافة المواقع التي ترغب بها والتي لا ترغب، ويشاهدون ما يريدون لا ما تريد أنت، وربما ذهب الولد أو البنت إلى غرفته ولا تعلم ما يصنع؟ بعكس الوضع في السابق حتى بوجود التلفزيون والإذاعة.. مجرد أن يغلق عليه الباب فأنت مطمئن تماما، أما حاليا عندما يغلق باب غرفته فيزداد قلقك وخوفك عليه. وهنا نتساءل ما نصنع حيال هذا الوضع؟

وسائل الإعلام وبالذات الصحافة كانت تربي فينا مبدأ الرقابة الذاتية، بحيث يعتمد الصحفي على حدسه بعد توفيق الله، ولا يعتمد على الرقيب الذي ربما يشاهد شيئا غير مقبول ليقوم بحذفه، مشكلا مصدر حماية للصحفي وخط دفاع أخيرا وربما لا يشاهد شيئا وتقع الكارثة على الإعلامي، ولذلك فإن أغلب الصحف تغرس في الصحفي مبدأ الرقابة الذاتية ليصل إلى مرحلة التمييز بين الممكن وغير الممكن، والمشي على خط رفيع يستطيع المرور عليه دون أن يسقط بإذن الله، وهذا المبدأ هو الذي يجب أن نربي أبناءنا عليه في هذه المرحلة التي أصبح يتشارك معنا الكثير في تربيتهم؛ ليستطيعوا التمييز من تلقاء أنفسهم.. فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.