خرجت بريطانيا يوم السبت الماضي ( 1 فبراير 2020 ) رسميا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بعد ما يقارب نصف قرن من انضمامها إلى الاتحاد، وبعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة من الانقسامات والتقلبات وأخيرا تقرر الخروج. خروج بريطانيا يعني الكثير وخاصة للعلاقات السعودية البريطانية. فالسعودية كدولة مهمة ومحورية بالمنطقة ويجمعها مع لندن تاريخ طويل من العلاقة والعديد من القضايا الرئيسية التي يمكن أن تشكل أساسا متينا ترتكز عليها العلاقات لتعزيز دور بريطانيا بالمنطقة لتعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق المصالح المشتركة. وبالتالي عبر العلاقة مع السعودية يمكن لبريطانيا تنفيذ «مبادرة الخليج» التي أعلنتها الحكومة في مايو 2011، وإستراتيجية الخليج الجديدة التي أعلنتها الحكومة في نوفمبر 2015، وهما يهدفان إلى توسيع دور بريطانيا في الخليج بما يتناسب مع مصالح بريطانيا في هذه المنطقة. وتأتي زيارة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى لندن في مارس 2018م وتأسيس مجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي البريطاني كخطوة استباقية مهمة لمؤسسة التنسيق بين البلدين لمرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد ورفع درجته إلى مستويات أعلى في جوانبها المختلفة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية.
إن خروج بريطانيا من السوق الأوروبية المشتركة، وتحررها من ضرورات العمل الأوروبي سوف يستوجب عليها البحث عن شراكات أخرى. فبحسب بيان مكتب جونسون، إن بريطانيا تهدف «أن تكون 80 % من تجارتنا مشمولة باتفاقيات للتجارة الحرة في غضون ثلاث سنوات». وبالتالي سوف تسعى لتعزيز شراكتها مع شركائها السابقين في منظومة دول الكومنولث (مثل كندا وأستراليا ونيوزيلندا والهند وباكستان)، وكذلك تعزيز شراكتها مع دول الخليج. وتعتبر السعودية السوق الأكثر أهمية لبريطانيا في الشرق الأوسط، حيث وصل حجم الاستثمارات البريطانية في السعودية حتى فبراير 2018م ما يقارب 3.3 مليار دولار (12.5 مليار ريال)، كما وصل عدد المشاريع البريطانية لـ 374 مشروعا تنوعت ما بين المشاريع الخدمية والصناعية والعقارية والعلمية والفنية والتراخيص المؤقتة. وهناك استثمارات سعودية كبيرة في بريطانيا تصل إلى 21 مليارا. وقد تجاوزت العلاقات التجارية السعودية البريطانية في الخمس السنوات الماضية، ما قيمته 2.3 مليار جنيه استرليني، وقدر التبادل التجاري في البضائع والخدمات بحوالي 9 مليارات جنيه استرليني في العام 2016. وفي ظل الحراك الاقتصادي الذي تشهده المملكة وحرصها على تنفيذ «رؤية 2030»، فيمكن أن تأخذ الشراكة الاقتصادية بين بريطانيا والسعودية أشكالا مختلفة، في التبادل التجاري للسلع والخدمات، وفي الاستثمار.
أما من الناحية السياسية، والتي تعتبر لها أهمية خاصة في ظل تسارع المتغيرات الدولية والإقليمية التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين السعودية وبريطانيا، فإن بريطانيا سوف تكون لديها حرية أكبر في الحركة والتنسيق مع السعودية لحل قضايا المنطقة، مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان والتصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار. ويلاحظ في السنوات الأخيرة أن مواقف بريطانيا السياسية شبه متطابقة مع السعودية، سواء في اليمن وموقفها من الانقلاب على الشرعية في اليمن من قبل الحوثيين، أو موقف بريطانيا من تدخلات إيران في المنطقة، أو في الملف السوري، كلها تكاد تكون متطابقة.
أما من الناحية الأمنية والعسكرية، فسيتيح خروج بريطانيا فرصا أكبر لتعزيز التعاون مع السعودية في الجانب العسكري. ففي ديسمبر 2016 أكدت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي أن بريطانيا ستستثمر أكثر من أربعة مليارات دولار في الدفاع بدول الخليج خلال السنوات الـ10 المقبلة. وفي سعي المملكة وفق رؤية 2030 إلى توطين العديد من الصناعات والخدمات العسكرية بما في ذلك نقل المعرفة، فقد أبدت لندن جاهزيتها لمواكبة هذه الأهداف. ففي سبتمبر (2017) وقع سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ووزير الدفاع البريطاني السابق مايكل فالون اتفاقية إطارية للتعاون العسكري والأمني؛ بهدف تعزيزها وتطويرها وفقا لرؤية 2030. وفي سبتمبر 2017 انطلقت أولى المبادرات السعودية البريطانية التي تهدف لصناعة وتجميع 22 طائرة هوك، على أن يتم تجميع وتصنيع آخر طائرة في هذه المبادرة بأيادٍ سعودية 100%، ويأتي اجتماع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان مع وزير الدفاع البريطاني غافين_وليامسون خلال زيارته إلى لندن في مارس 2018 والتي وقع على إثرها مذكرات تفاهم، بهدف تفعيل الاتفاقية الإطارية في نقل وتوطين التقنية، والشراكة الصناعية والتدريب والبحث والتطوير والاستشارات الفنية وفق رؤية المملكة 2030.
أما في مجال التعاون الأمني فلرئيسة الوزراء البريطانية السابقة السيدة تيريزا ماي عدة تصريحات عن أهمية المملكة كحليف مهم في مكافحة الإرهاب، وهناك تنسيق على أعلى المستويات في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب بين الرياض ولندن خاصة أن المملكة لديها تجربة طويلة في هذا المجال. وسيتيح خروج بريطانيا تعزيز التعاون الأمني سواء منه ما يتعلق بتنظيمي داعش والقاعدة، أو بحزب الله والتنظيمات الأخرى التابعة لإيران.
وأخيرا فإن الإمكانات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية التي لدى الطرفين، تحتاج إلى تحرك عملي من جانب بريطانيا والسعودية، من خلال تفعيل أكبر لمجلس الشراكة الإستراتيجي، خاصة أن لدى الطرفين رغبة كبيرة في تعزيز العلاقات.
@Alothaimin
إن خروج بريطانيا من السوق الأوروبية المشتركة، وتحررها من ضرورات العمل الأوروبي سوف يستوجب عليها البحث عن شراكات أخرى. فبحسب بيان مكتب جونسون، إن بريطانيا تهدف «أن تكون 80 % من تجارتنا مشمولة باتفاقيات للتجارة الحرة في غضون ثلاث سنوات». وبالتالي سوف تسعى لتعزيز شراكتها مع شركائها السابقين في منظومة دول الكومنولث (مثل كندا وأستراليا ونيوزيلندا والهند وباكستان)، وكذلك تعزيز شراكتها مع دول الخليج. وتعتبر السعودية السوق الأكثر أهمية لبريطانيا في الشرق الأوسط، حيث وصل حجم الاستثمارات البريطانية في السعودية حتى فبراير 2018م ما يقارب 3.3 مليار دولار (12.5 مليار ريال)، كما وصل عدد المشاريع البريطانية لـ 374 مشروعا تنوعت ما بين المشاريع الخدمية والصناعية والعقارية والعلمية والفنية والتراخيص المؤقتة. وهناك استثمارات سعودية كبيرة في بريطانيا تصل إلى 21 مليارا. وقد تجاوزت العلاقات التجارية السعودية البريطانية في الخمس السنوات الماضية، ما قيمته 2.3 مليار جنيه استرليني، وقدر التبادل التجاري في البضائع والخدمات بحوالي 9 مليارات جنيه استرليني في العام 2016. وفي ظل الحراك الاقتصادي الذي تشهده المملكة وحرصها على تنفيذ «رؤية 2030»، فيمكن أن تأخذ الشراكة الاقتصادية بين بريطانيا والسعودية أشكالا مختلفة، في التبادل التجاري للسلع والخدمات، وفي الاستثمار.
أما من الناحية السياسية، والتي تعتبر لها أهمية خاصة في ظل تسارع المتغيرات الدولية والإقليمية التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين السعودية وبريطانيا، فإن بريطانيا سوف تكون لديها حرية أكبر في الحركة والتنسيق مع السعودية لحل قضايا المنطقة، مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان والتصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار. ويلاحظ في السنوات الأخيرة أن مواقف بريطانيا السياسية شبه متطابقة مع السعودية، سواء في اليمن وموقفها من الانقلاب على الشرعية في اليمن من قبل الحوثيين، أو موقف بريطانيا من تدخلات إيران في المنطقة، أو في الملف السوري، كلها تكاد تكون متطابقة.
أما من الناحية الأمنية والعسكرية، فسيتيح خروج بريطانيا فرصا أكبر لتعزيز التعاون مع السعودية في الجانب العسكري. ففي ديسمبر 2016 أكدت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي أن بريطانيا ستستثمر أكثر من أربعة مليارات دولار في الدفاع بدول الخليج خلال السنوات الـ10 المقبلة. وفي سعي المملكة وفق رؤية 2030 إلى توطين العديد من الصناعات والخدمات العسكرية بما في ذلك نقل المعرفة، فقد أبدت لندن جاهزيتها لمواكبة هذه الأهداف. ففي سبتمبر (2017) وقع سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ووزير الدفاع البريطاني السابق مايكل فالون اتفاقية إطارية للتعاون العسكري والأمني؛ بهدف تعزيزها وتطويرها وفقا لرؤية 2030. وفي سبتمبر 2017 انطلقت أولى المبادرات السعودية البريطانية التي تهدف لصناعة وتجميع 22 طائرة هوك، على أن يتم تجميع وتصنيع آخر طائرة في هذه المبادرة بأيادٍ سعودية 100%، ويأتي اجتماع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان مع وزير الدفاع البريطاني غافين_وليامسون خلال زيارته إلى لندن في مارس 2018 والتي وقع على إثرها مذكرات تفاهم، بهدف تفعيل الاتفاقية الإطارية في نقل وتوطين التقنية، والشراكة الصناعية والتدريب والبحث والتطوير والاستشارات الفنية وفق رؤية المملكة 2030.
أما في مجال التعاون الأمني فلرئيسة الوزراء البريطانية السابقة السيدة تيريزا ماي عدة تصريحات عن أهمية المملكة كحليف مهم في مكافحة الإرهاب، وهناك تنسيق على أعلى المستويات في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب بين الرياض ولندن خاصة أن المملكة لديها تجربة طويلة في هذا المجال. وسيتيح خروج بريطانيا تعزيز التعاون الأمني سواء منه ما يتعلق بتنظيمي داعش والقاعدة، أو بحزب الله والتنظيمات الأخرى التابعة لإيران.
وأخيرا فإن الإمكانات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية التي لدى الطرفين، تحتاج إلى تحرك عملي من جانب بريطانيا والسعودية، من خلال تفعيل أكبر لمجلس الشراكة الإستراتيجي، خاصة أن لدى الطرفين رغبة كبيرة في تعزيز العلاقات.
@Alothaimin