د. نورة عبدالله الهديب

بعيدا عن بهرجة الحديث والمجاملات التي أرهقت عقولنا وقلوبنا، قد جاء دور الجد في إظهار روح المواطنة التي تعيش في داخلنا. الثورة التقنية التي فتحت المجالات بأنواعها لتحتمل كل ما هو نافع وضار للبشرية قد تجاوزت خطوطا لم نضع لها حدا أو نتخذ موقفا حازما تجاهها بسبب عدم إدراكنا لتفاوت مستويات الوعي والإدراك في المجتمع. لسنا بمجتمع ملائكي ولكننا نجتهد في معالجة الثغرات الفكرية أو العاطفية التي يستخدمها الخونة والطُغاة الذين يسعون إلى تدمير بؤرة الوطن من خلال التشكيك الفكري أو العاطفي في المجتمع.

أراد الحاقد أن يتلاعب بالثراء العلمي والمعرفي الذي يصلنا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي لبث سمومه عن طريق التشكيك في رؤية بلادنا والمخلصين من شعبها. فهو ينتظر أي ثغرة مجهولة ليشبعها سموما تتلاعب فيمن ينقصه الوعي لأسباب عديدة، على سبيل المثال: فالبعض قليل الإطلاع الموثوق والبعض يتشتت معرفيا عن طريق مراقبة أكبر عدد من المصادر أو متابعة بعض المشاهير الذين يهتمون بالتحليل بشكل أو بأخر دون علم ودراية وغيرها من الأمثلة. فالإعلام دولة شبه وهمية تعادي واقعنا الذي نعيشه وتناصره متى شاءت، مازال إعلامنا يجتهد في توعية المواطن ولكن ...

للأسف الصورة النمطية القديمة عن إعلامنا قد شوهت صورتها عند البعض، فالمصداقية وإظهار الحقائق أصبحت ضرورية خاصة ونحن في زمن يتنافس فيه الإعلام بشكل عام للفوز بأكبر قاعدة جماهيرية. لذلك يجب على المهتمين بالتوعية في المجال التعليمي والإعلامي التعاون مع مجال التدريب عن طريق مدربين يتقنون أساليب تهتم بنشر الوعي في العقل البشري وكيفية التفكير واستقبال المعلومة أو رفضها. وذلك بطرح نظريات التفكير والعقل وكيفية التعامل مع المعلومات بشكل عام. وكيفية تنقيح المعلومة والتأكد من مصادرها وفهم لغة الجسد. يؤسفني أن أسمع وأرى عن طريق بعض التطبيقات من يتابع بشغف تلك الأخبار والمحاضرات التي تبث سمومها عن طريق المقارنات التاريخية. وكذلك، المقارنات الشخصية والإسقاطات التي تجعل السامع غير الواعي لها أن يشكك في حاضره ومستقبله لينشر مقطعا أو مقولة وكأنه مؤيد لها. لذلك أتمنى من كل مواطن مسؤول أن يركز على نقطة (روح المواطنة) في رعيته ويُسخر مجاله لتعزيز هذه الروح التي يبدع الخائن والطامع في سلبها.

فالتعليم والصحة والطاقة والتجارة والثقافة والعمل وغيرها من المنظومات الرئيسية تجتهد في احتواء المواطن وتسعى لسد حاجاته وتطويره بطرق مختلفه. ولكن كم أتمنى أن تشارك هذه المنظومات أيضا مواطنيها والمجتمع بالدورات المجانية خاصة للأطفال أولا والشباب وذويهم من الكبار ثانيا الذين ذهب بعضهم ضحية لتشوهات فكرية نابعة من طامع لبلادنا. وذلك بطرح أبرز جهود دولتنا ومساعيها في كل مجال عن طريق محتويات تهتم بالوعي الفكري والتقني والتعريف عن الإعلام وماهيته وأهدافه وتقليص دائرة المتحدثين من بعض المشاهير وغيرهم دون علم ودراية.