محمد العصيمي

مؤخراً تذكر إعلام إحدى الدول كيف كان برلمانهم مشعاً في الستينيات والسبعينيات، وحتى في الثمانينيات. وكانت مناسبة هذا التذكر نكتة سوداء تقول إن أربعين برلمانياً ناموا في المجلس النيابي ليلة التصويت على الثقة بالحكومة الجديدة خشية ألا يستطيعوا الوصول إلى البرلمان صبيحة يوم التصويت؛ كون الجماهير هددت بقطع الطرق عليهم. وهو ما حدث بالفعل حين وصل نواب متنكرين على دراجات نارية، بينما رُشقت سيارات بعضهم بالبيض، وألقيت على بعضها الحجارة.

لا يسرنا أن يحدث ذلك في أي دولة من الدول، عربية أم غير عربية، لكن هذا هو واقع الحال مع برلمانات الأسوار التي تحدثت عنها أمس. وأكرر هنا، إذا سمحتم لي، التعجب من مفارقة (البرلمان والأسوار)، باعتبار أن من توضع أمامهم هذه الأسوار ويسيجون بالأسلاك الشائكة هم من انتخبوا من وضعها وصوتوا لحضرته أو حضرتها ليمثلهم أو تمثلهم.

المهم أن ذلك الإعلام وذلك الشعب حين استعادت ذاكرته مجده البرلماني القديم مقارنة ببرلمانه الحالي أدرك أنه، بفعل الفكر الثوري المستورد، وصل إلى ما وصل إليه من نكت النوم في مكاتب البرلمان، وامتطاء الدراجات النارية، وربما الأحصنة والوعول، للوصول إلى قاعة الشعب وقهره بتأييد حكومة مرفوضة كما هو واضح في الشارع. وبما أن المكابرة هي سيدة التخلف فقد قرع المتنفذون (المستقوون) طبولهم، معتبرين نيل الحكومة لـ(الثقة) انتصاراً.

ما يهمنا نحن، كما قلت سابقًا، هو أن نعتبر من هذه التجارب الفاشلة والمتهاوية بفعل دخول اليد الأجنبية الإيرانية، العابثة والمدمرة، إليها وتقويض مكاسبها التاريخية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومن المفترض أن نناقش هذه التجارب ونتناولها بالنقد والتحليل لنرفع من مستوى الوعي ليس لدى عامة الناس فقط، بل لدى بعض النخب التي لا تزال معنية أو مأخوذة بالشعارات الرنانة ودجل ثورة الخميني وثورات ما سمي الربيع العربي.

في عالمنا العربي الآن حقيقة لا يمكن القفز عليها، وهي أن من صدقوا إيران خسروا حتى مكاسبهم السياسية والاقتصادية السابقة الشحيحة، ومن كذبوا إيران وناجزوها كسبوا الكثير مما يضاف إلى مكاسبهم السابقة. وسيبقى الحال على ما هو عليه: من يوالي إيران يخسر ومن يناجزها يكسب. وهذا ما فهمه أخيراً الشعبان العراقي واللبناني.

ma_alosaimi@