أحلام القحطاني

تحقيقا للاستقرار النفسي والاجتماعي وتماشيا مع الفطرة السليمة التي خلقنا الله عليها أُنشئت منظومة الزواج التي تعد أيضا استكمالا لنصف الدين كما جاء في تعاليم ديننا الإسلامي، مما يعزز الترابط بين الناس ولما فيه من سكن ومودة ورحمة خاصة إذا كان اختيار الزوجين لبعضهما عن توافق تام وسابق رضا يجعل من هذه العلاقة طريقا للسعادة ومرتعا لراحة البال التي ينشدها الكثير، وقد يؤخر البعض من الرجال والنساء الدخول في ذلك القفص الذهبي لأنه لم يجد من يتوافق معه ويشاركه جميع تفاصيل حياته كما يريد، لذا نجد الكثير مترددا في هذه المسألة حتى لا يقع في متاهات قد تهدد تلك العلاقة أو تجعلها على جرف الطلاق الذي يعد أبغض الحلال عند الله.

بالرغم من حرص البعض على التأكد من نجاح هذه الشراكة قبل الإقدام عليها إلا أن هناك الكثير ممن دخلوها وسرعان ما فُضت لأسباب قد تكون منطقية تجعل من الطلاق حلا لابد منه في بعض المسائل، وعلى الطرف الآخر من فضها وفق أسباب واهية تجعل منه ذلك المستهتر غير المدرك لحجم الخطأ الذي وقع فيه، معتقدا أنه بذلك الفعل ينجو من أمر ما وهو في الحقيقة يغرق في بحر القرارات الخاطئة التي قد تلازمه طيلة حياته إن استمر على ذلك النهج، وهذا ما يجعلنا نشهد معدلات طلاق مهولة في السنوات الأخيرة مما يستدعي التريث عند الزواج والتفكير العميق قبل الانفصال.

لامست حالات الطلاق في السعودية نصف معدل الزواج، إذ كشفت ذلك وزارة العدل، وتعددت الأسباب التي وصلت بالكثير إلى هذا الطريق المسدود، قد يكون منها التقنية التي طالت بسلبياتها الكثير من البيوت التي كانت عامرة قبل ذلك، وهنا أقصد منها وسائل التواصل التي جعلت الكثير سواء غير راضٍ عن حاله طالبا المزيد من النعم التي لم يعد يرى منها سوى ما هو لدى الغير إذ نسي تلك التي في يده.

لا أختزل أسباب الطلاق في ذلك السبب الذي ذكرته أنفا، فهناك أسباب عدة قد يكون منها ما هو فعلا حل لمعاناة طويلة، ولكني هنا أبين ما طرأ على الساحة من جديد قد يكون دافعا آخر لارتفاع نسب الطلاق بالشكل الذي نراه، فلم يعد وجود الأطفال رادعا لحدوث ذلك أو مبررا للتريث قبل الإقدام على ذلك، كما أن الزواج في سن صغيرة لدى البعض خصوصا في ظل العالم الحالم الذي قد يراه هؤلاء لدى بعض المشاهير من أهم العوامل التي جعلت البعض يسارع في بناء بيت أشبه ببيت العنكبوت ظنا منه أنه سيشاطرهم ذلك الحلم ليتفاجأ بعد ذلك بحياة مختلفة عن تلك التي يراها خلف الشاشات لأشخاص لم يظهروا من حياتهم إلا الجيد فقط وما خفي كان أعظم.

11Labanda@