محمد العصيمي

أحد أصدقائي هو أول من وضع احتمال أن يكون وباء (كورونا) الجديد مؤامرة وقت أن سمع بالخبر وما نتج عنه من إصابات ووفيات في موطنه في مدينة يوهان في الصين. ولست ألومه كونه، مثل كثيرين في هذا العالم، تعصف بهم بعض الأحداث وتفاجئهم ولا يجدون لها تفسيرا سوى المؤامرة باعتبارها مشجبا أو وهما يمكن أن يُعلق عليه كل شيء غير مفهوم. الأمر تعدى عامة الناس وبسطائهم إلى إعلاميين وخبراء ومحللين لم يستبعدوا فرضية أن يكون هذا الوباء بالفعل مؤامرة لتقويض الاقتصاد الصيني القوي والمنافس لكثير من اقتصادات الغرب وعلى رأسها اقتصاد أمريكا.

لكن، ودائما ما تسعفنا كلمة لكن في مثل هذه المواقف، فإن من تآمر على الصين، إذا افترضنا وجود متآمر أو متآمرين، هو مثل من يطلق الرصاص على قدمه؛ ليس فقط في وجود احتمالات كبرى لانتقال الوباء وبقوة إلى أراضيه وإنما، أيضا، فيما يعنيه الاقتصاد والسوق الصينية التجارية لكافة دول العالم ومنها القوة المنافسة والمناوئة للصين أمريكا. هناك الآن من المحللين الأمريكيين من يتحدث عن احتمالية أن يُضعف وباء كورونا الصيني فرص الرئيس ترامب في إعادة انتخابه لولاية ثانية نظرا لتأثر الاقتصاد الأمريكي سلبا بنتائج هذا الوباء اقتصاديا. عجلة استهلاك السلع الصينية الرخيصة حول العالم، والتي تقدر بالملايين في أمريكا وغيرها، ستتأثر وتتباطأ نتيجة للرعب الناشئ جراء هذا الوباء من التعامل مع الصين، أو لمس أي شيء صيني هذه الأيام.

بشكل عام فإن بلومبيرغ وليس أنا تتوقع أن يتكبد الاقتصاد العالمي خسائر تفوق 160 مليار دولا لتصبح بذلك أكبر خسارة يسببها وباء في العصر الحديث تتجاوز بواقع أربعة أضعاف ما سببه فيروس (سارس) الذي اجتاح الصين سنة 2003. وأظن أنه من المعلوم أننا حين نتحدث عن الاقتصاد العالمي ربحا أو خسارة فإن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تشير لها أصابع المغرمين بنظرية المؤامرة، تُعد في قلب هذا الاقتصاد تأثيرا وتأثرا.

وبالتالي فإن محاولة تكويم حطب المؤامرة في موضوع كورونا الجديد هي مجرد ممارسة لعدم الفهم كما ذكرت مطلع هذا المقال، فأنت حين لا تفهم شيئا أو تحار فيه تبحث عن وهم تعلقه عليه، ولطالما كانت المؤامرة مادة هذا الوهم.

ma_alosaimi@