د. يعن الله الغامدي

نؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره ومخطئ من يظن علينا بغير ذلك، والتاريخ مسجل لنماذج مختلفة من أنواع العقاب والكوارث من عهد الرومان واليونان مرورا بالحربين العالميتين حتى عصر كورونا الجديد اليوم الذي تتجه معظم أنظار العالم إليه في الصين شعب المليار ونصف، وهم يتابعون ذلك الوباء الذي شل حركة اقتصاد أكبر تجمعات الأرض وعزل مقاطعات فيها بحجم دول وأربك حركات الطيران في جميع مدنها وهجّر رعايا دول خارجها وداخلها بسبب فيروس لا يتعدى رأس الدبوس!.

وفيروس كورونا هذا لن يكون الأول ولا الأخير، فقد سبقه فيروس سارس الذي ظهر بها عام ١٤٢٣هـ، وفيروس أيبولا الإفريقي عام ١٤٣٤هـ، وقبله أنفلونزا الخنازير، وأنفلونزا الطيور الشرق أوسطية.

لقد ظلت الصين حائرة منه وبالتالي قللت من خطورته في مراحله الأولية وأخفت عدد الإصابات الحقيقية به لأشهر، وها هي اليوم تواجه قدرها كدولة أرادت اعتلاء عرش العالم، حيث يصعب كسرها بالطرق التقليدية بعدما ظهر للعيان تأثيرها وسيطرتها على الأسواق العالمية، ولكنها سقطت في أكبر وأخطر منعطف دخلت فيه بمناوشات الحرب الاقتصادية الأمريكية والتي كانت فيها شركة هواوي إحدى واجهات ذلك المنعطف ومن ثم رأينا كيف اتهمت الصين الولايات المتحدة بإثارة الذعر والخوف منه حينما كانت أول من قام بإجلاء رعاياها ثم أتبعته بفرض قيود مشددة على دخول الصينيين إلى أراضيها.

ومهما يكن، فإن الحروب بجميع أشكالها حروب موجعة إلا أن أشدها بشاعة وأقساها فظاعة الحرب الجرثومية (البيولوجية)، لا لأنك لا ترى لها دخانا ولا تسمع لها ضجيجا وإنما لأنها الأقل كلفة والأكثر انتشارا إذ لا تحتاج فيها أكثر من غرفة معمل !!! ٠

والحقيقة فإن هناك كثيرا من الخبراء رفضوا أن يكون هذا الفيروس من صنع الإنسان بينما لا يستبعد آخرون نظرية المؤامرة بحجة فرملة..هدير البركان الصناعي الصيني الذي أغرق الكرة الأرضية بحممه وغازاته، وسواء كان ذلك الوباء حقيقة أم مفتعلا فإن اللافت للنظر تلك الجهود الجبارة التي تقوم بها حكومة بكين وغير المسبوقة في بناء مستشفيات في أيام وإقامة دوريات شوارع لتوعية وإرشاد الناس والعمل بأعلى المستويات الإعلامية كمحطات يحتذى بها في إدارة الأزمات، فالأطباء هناك يعكفون على العمل ليلا ونهارا في سباق مع الزمن؛ لمكافحة ذلك الفيروس حتى صنفتهم السلطات كأبطال وطنيين، الأمر الذي جعل أكثر المتفائلين يرون أن الوضع يمكن تداركه على المدى المنظور بخلاف أولئك المتشائمين الذين يرون عكس ذلك.

وأمام سرعة انتشار ذلك الوباء وارتفاع عدد ضحاياه بشكل مستمر داخل وخارج الصين رأينا كيف كثفت الأجهزة المعنية ببلادنا جملة من الإجراءات الاحترازية كما أشار إلى ذلك وزير الصحة تساعدها في ذلك الخبرة التي اكتسبتها فيما مضى بعيدا عن الشائعات التي دائما ما تحتضنها تلك المداولات في مثل هكذا مناسبات.

@yan1433