د. سعيد عطية أبوعالي

يقول أبو القاسم الشابي «رحمه الله»:

وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَالِ... يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَر

مصادفة ثمينة وعجيبة. اتصل بي ذات مساء أحدهم وطلب مقابلتي باعتبار أني كنت مديراً عاماً للتعليم بالمنطقة الشرقية «يوماً ما». رحبت به وبزيارته.. مضت أسابيع حتى التقينا. جاء ومعه اثنان من أقاربه وهو يحتضن كتاباً وكأنه أحد أطفاله. جاء الأستاذ نذير الزاير ومعه قريباه كمال ومهند. قدم إليَّ كتابه بكلتا يديه وهو يقول ما بهذا الكتاب يعتبر امتداداً لجهودك يا دكتور سعيد بالمنطقة الشرقية، والكتاب عنوانه «تل الزاير».. قبلت الكتاب هدية تعيد إليَّ شخصياً بعض أيامي عندما قمتُ مع الزميل علي بن صالح المغنم «قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه» بتأسيس ما سميناه يومها «المتحف الإقليمي للآثار بالدمام» واقترحتُ أن يكون لعلي مكتب بالمتحف ليعطيه اهتمامه. حتى يكون المتحف أحد الأذرعة المعرفية للإدارة العامة بالتعليم في المنطقة الشرقية. وبالمناسبة فلقد تشرفت بتخصيص أرض واقتراح إنشاء متحف إقليمي للآثار في مدينة الهفوف بالأحساء، واستجابت الوزارة «وزارة المعارف آنذاك» مشكورة للاقتراح. وتمت إقامة المبنى بتكلفة زادت على ستة عشر مليون ريال.

شجعنا الشباب المؤهلين للالتحاق بإدارة الآثار بالدمام والأحساء، وكان منهم علي المغنم وعبدالحميد الحشاش ووليد الزاير وغيرهم وأكثرهم عادوا من بعثات دراسية خارج المملكة.

الكتاب ذو تجليد فاخر ويقع في مائتي صفحة وصفحة. وقدم له خبير الآثار الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالعزيز الراشد. يرى البروفسور الراشد أن الكتاب سجلٌّ لمشاعر المنتسبين إلى الآثار بالمملكة تجاه زميلهم «وزميلي» الأستاذ وليد الزاير «رحمه الله» الذي كان رئيساً لفريق التنقيب في حفرية موقع ثاج الأثري.

ثاج موقع أثري بشمال المنطقة الشرقية، عاشت عصوراً وشهدت قيام عمران الأرياف والقرى وصولاً إلى المدن المشهورة. ثاج هي هجرةٌ جاذبة للباحثين عن الآثار، ويعتقد كثير منهم أنها هي مدينة الجرهاء وكانت مملكة الجرهاء تسمى باسمها.. وبهذا فإنَّ البحث الآثاري العلمي مازال جارياً عن حقيقة «الجرهاء».