«ناشيونال انترست»

أكدت مجلة «ناشيونال انترست» الأمريكية، أن روسيا نجحت في بناء نفوذ بالشرق الأوسط، مستغلة قصور الإستراتيجية الأمريكية بالمنطقة.

وبحسب مقال لـ «روبرت ج. رابيل»، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فلوريدا أتلانتك، تحاول موسكو عرض نفسها كقوة استقرار في الشرق الأوسط، وترغب بإعادة التنظيم الجيوسياسي بهذه المنطقة.

وقال الكاتب: «يتحول العالم الأحادي القطب الذي كانت تقوده الولايات المتحدة ببطء وبشكل مطرد إلى عالم متعدد الأقطاب».

وتابع: لا يتكشف هذا التطور بسرعة في مكان ما بقدر ما يحدث في «الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن روسيا والصين تنافسان القوة الأمريكية الصلبة (القوة السياسية والعسكرية) والقوة الناعمة (القوة الاقتصادية).

ولفت أن نزيف القوة الأمريكية يتزامن مع خيبة أمل لحلفاء واشنطن جراء إستراتيجياتها.

وأضاف: «تسبب خطأ واشنطن الجيوسياسي في العراق والصراعات المحلية والإقليمية بالمنطقة، في عدم إمكانية اتباع إستراتيجية شاملة في الشرق الأوسط».

وزاد: «لذلك، على الرغم من قصر النظر الذي تتمتع به الرؤى الإستراتيجية للشرق الأوسط للرؤساء الأمريكيين جورج بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب، لا يمكن لأي إستراتيجية بالشرق الأوسط أن تعمل في ظروف خطرة تتأثر بشدة بالصراعات والنزاعات التاريخية ومخاوف الأمن القومي».

واستطرد: «في الواقع، بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، استغلت روسيا إلى حد كبير عجز الولايات المتحدة عن إعادة تنظيم قواتها وحلفائها في الشرق الأوسط وتخفيف حدة النزاعات والتوترات في المنطقة».

«لذلك كانت السياسة الروسية، التي ولدت من إستراتيجية ترغب في استعادة دور مركزي في الشؤون العالمية ومجالات النفوذ، استجابة ونموا لما يعتبره الروس محاولة أمريكية مقصودة لتهديد الاستقرار العالمي وكبح جماح روسيا» بحسب الكاتب.

ووفقا للكاتب: «اشتكى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه أمام مؤتمر ميونيخ الأمني في عام 2007 من الهيمنة الأمريكية على الشؤون العالمية وتوسع الناتو في منطقة البلطيق، متهما واشنطن بزعزعة استقرار الشرق الأوسط».

وأفاد: «كما تبين، حقق بوتين رغبته في استعادة دور عالمي بارز. إن انخراطه في الشرق الأوسط بشكل عام وفي سوريا على وجه الخصوص، جعل روسيا فعليا نقطة محورية لحلفاء أمريكا الذين يحاولون حماية أمنهم القومي، سواء تركيا أو مصر أو لبنان، وغيرهم».

«في الوقت نفسه، كانت عواصم الخليج العربي تعمق علاقاتها الاجتماعية والاقتصادية مع روسيا في إطار يوازن التعاون الإستراتيجي بين إيران وروسيا»، بحسب كاتب المقال .

وأردف يقول «لقد كانت موسكو قادرة على دعم الأطراف المتنازعة وعرض نفسها كقوة استقرار».

وأشار إلى أن محاولتها جزء لا يتجزأ من إستراتيجيتها العالمية للحد من قوة الهيمنة الأمريكية من خلال تأمين دور عالمي لا غنى عنه ومجال نفوذ، ليس فقط في الشرق الأوسط.

وأكد الكاتب: «نجحت روسيا حتى الآن جزئيا، لأن واشنطن فشلت في اتباع إستراتيجية شاملة تستخدم القوة المركبة لحلفائها المتخاصمين».

واعتبر أن سياسة «الضغط القصوى» التي طبقتها إدارة ترامب على إيران، مثال على أن معظم حلفاء واشنطن لديهم أسباب مختلفة لعدم الالتزام بخط السياسة الأمريكية فيما يخص طهران.

واختتم الكاتب حديثه بالقول: «بشكل أكثر تحديدا، تصرفت واشنطن بصفتها قاضيا أكثر مما تصرفت كقوة عظمى في الإشراف على منطقة اللعب فيها محفوف بالمخاطر. لا عجب إذن أن روسيا حققت تقدما في الشرق الأوسط على حساب القوة الأمريكية».