وسيمة العبيدي

في الوقت الذين اخفت فيه بعض الدول اصابتها بكورونا وانهار النظام الصحي لأخرى تعاملت المملكة مع مواطنيها ومع العالم بشفافية شديدة، وكان لقرارات ولاة الأمر السريعة والحكيمة بعد إعلان أول حالة كورونا بعزل الأشخاص المصابين والمناطق محتملة الإصابة مع استمرار امداد المؤن والأدوية بشكل طبيعي ويومي للمناطق التي فرض عليها طوق صحي، واغلاق الحدود البرية والحد من ثم إيقاف الرحلات الجوية للبلدان الموبوءة الأثر البالغ في احتواء الأزمة والحد من انتشار المرض. كونت لجنة من أكثر من 13 وزارة ترأسها وزارة الصحة لإدارة هذه الأزمة الفتاكة بنجاح غير مسبوق النظير. قامت وزارتا الصحة والداخلية بإرسال الكثير من الرسائل بشكل مستمر لتوعية المواطنين بطرق انتشار المرض وطمأنتهم بأن كل الإجراءات المتخذة وقتية للسيطرة على الوباء وشاركت معلوماتها على جميع مواقع التواصل الاجتماعية والإعلامية المرئية والمسموعة. خصصت خطا ساخنا للحصول على الإجازات المرضية للمواطنين المتواجدين في المناطق المعزولة وللتنسيق في الحالات المرضية التي تستدعي مغادرة تلك المناطق.

لقد طبقت المملكة التدابير الصحية المعروفة عالميا بشكل سريع وحازم لمنع انتشار الوباء بتعليق العمرة وإلغاء الكثير من الفعاليات الاجتماعية، الدينية، والرياضية والتي تستدعي التجمع. تعليق العمل في الدوائر الحكومية وتقديم الخدمات للمواطنين عن طريق بوابة أبشر. إغلاق الأسواق والمجمعات، الصالونات النسائية والرجالية ماعدا الصيدليات ومحلات الأنشطة التموينية الغذائية ومنع التجمعات في الأماكن العامة للحفاظ على سلامة الجميع.

لم تتخل المملكة عن مواطنيها الذين كانوا خارج المملكة حتى مخالفي النظام بالسفر للبلدان الممنوعة فأجلتهم ووضعتهم في حجر صحي فاخر في فنادق 5 نجوم على حساب الدولة فقط للتأكد من سلامتهم. أكدت وزارة الصحة جاهزية أكثر من 1400 غرفة عزل و1449 غرفة عزل سالبة الضغط مطابقة للمواصفات موزعة على المستشفيات بالمحافظات والمناطق الصحية وقامت بالحجر الصحي على المصابين وبتقديم جميع الخدمات الطبية الضرورية لهم.

فرضت غرامة مالية على كل من ينشر الشائعات وعلى المنشآت والهيئات التي تستغل تداعيات الأزمة للتلاعب بأسعار بعض المنتجات. دعمت القطاع الخاص بـ 50 مليار ريال لتمكينه من أداء دوره في إطار جهود الدولة للتخفيف من آثار التدابير الاحترازية لمكافحة كورونا والتي تتمثل في الآثار المالية والاقتصادية السلبية على السوق السعودي وخصوصا على المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

تعد هذه الأزمة فرصة للمنطقة لتعلم دروس ممتازة تجعلها جاهزة لأي أزمات مستقبلية، فبعد الإجراء الاحترازي بفرض طوق صحي على القطيف مثلا فُعل التعليم عن بعد عن طريق منصة عين. فعل العمل عن بعد عن طريق الانترنت وكان من السباقين في ذلك المؤسسات الحكومية، شركة أرامكو السعودية، سابك وصحيفة اليوم. التحول الرقمي المتطور الذي حققته المملكة سهل على المواطنين إجراء الكثير من المهام المتعلقة بالجهات الحكومية عن طريق الانترنت من أي مكان في المملكة. انتعشت التجارة الإلكترونية واستخدام التطبيقات.

بين هروب مواطني بعض الدول التي فرض على مدنهم الحجر الصحي، عويل البعض، وغناء آخرين من الشرفات تحديا للحجر، طفق الكثير من المواطنين السعوديين للقيام بوظائفهم عن طريق الإنترنت، وقرر آخرون ممن لا يستطيعون العمل عن بعد قضاء الوقت مع الأسرة أو ممارسة هواياتهم المختلفة.

كل ما ذكر في هذا المقال حقائق نستنتج منها حقيقة أن كورونا الذي لا يقتل يقوي وأن المملكة قد أعطت للعالم درسا في فن إدارة الأزمات والتعامل مع المواطن.

WaseemaAlObaidi@Gmail.com