أمجاد سند - الدمام

أتاح الفرصة لإعادة الود والدفء الأسري

أكد الأخصائي الاجتماعي محمد الحمزة أن علماء الاجتماع اختلفوا في تعريف الظاهرة الاجتماعية تبعا لاختلاف نظرتهم إلى المجتمع والظواهر التي تحدث فيه، وعند تتبع الحراك الاجتماعي في المجتمع السعودي إبان أزمة كورونا نجد التفاعل الاجتماعي الواضح والجلي مع الحدث، ما أدى لاختبار الوعي المجتمعي في كثير من الظواهر الناشئة أو للظواهر الموجودة سابقا سواء أكانت سلبية أم إيجابية، ويمكننا تتبع عدد من الظواهر كما يلي:

» الحياة المنزلية

1- ظاهرة الرجوع للحياة في المنزل:

وفق للظروف الحالية أبان الحمزة أن البعض وجد صعوبة بالغة في البقاء بالمنزل مع الأبناء بهذه الصورة المفاجئة، والأصعب من ذلك هو كيف يتم إدارة الأبناء واستثمار أوقاتهم بالشكل الإيجابي داخل المنزل، والأشخاص لم يستوعبوا بعد فكرة الجلوس في البيت، لأنه باختصار «بيوتهم لا تشبههم»، ولا تمثل لهم ملجأ للراحة؛ المكان الذي لا تستطيع أن تجلس فيه بدون عمل أي شيء ويكون كافيا بالنسبة لك فهو ليس ببيت لك، فالبيت هو هروبك من العالم، هو فضاء من تضيق عليه الوسيعة، وهو المكان الذي تسافر منه وأنت بمكانك.

وأكمل الحمزة: لذلك على الأب والأم والأخوة الكبار العمل على إعادة هيكلة التنظيم الداخلي للأسرة في البيت بما يتناسب والمرحلة التي يمر بها العالم مع هذا الوباء، مرحلة تحتم على الجميع احترام الأنظمة والتوجيهات الرسمية، وألا يتم التذمر من أي قرار فيه مصلحة الجميع، وعلينا احترام المرحلة ومساندة الجهات الرسمية في تخطيها بكل سلاسة منعا لتفشي المرض، وانتشاره عبر المخالطة في الأماكن العامة والمزدحمة.

وقال الحمزة‏: إن لم يكن بيتك أنت فلن تستطيع أن تعود إليه ولا أن تبقى فيه، وقد تحتاج أن تكون خارجه خوفا من المواجهة، أما البيت الذي يشبهك فهو الذي لا ترغب بالخروج منه لأنه يكفيك، ولأن العالم الخارجي مجرد حدث تعيشه لكنه ليس الأساس، ‏يقول كريستوفر مورلي: هناك نجاح واحد، وهو أن تتمكن من قضاء حياتك بطريقتك الخاصة، وتقول سيدني سميث: البيت المريح من أعظم مصادر السعادة، ويأتي مباشرة بعد الصحة الجيدة وراحة البال.

» سلوك أخلاقي

2- ظاهرة السلام بالنظر

وأوضح الحمزة أن السلام هو سلوك أخلاقي يمارس لتحية الآخرين والحفاوة بهم، ومع تزايد المخاوف من انتقال فيروس كورونا، برزت ظاهرة جديدة تعزز سلوك السلام بالنظر أو بالإشارة باليد دون المصافحة، وبادر عدد من الجهات الحكومية لنشر ثقافة ترك المصافحة تحت مبادرة «سلام نظر» لترك المصافحة باليد في سبيل الإسهام في منع انتشار فيروس كورونا، سواء كانت في الدوائر الحكومية، المرافق العامة، الحدائق العامة، الأسواق، المولات، المستشفيات، المراكز الصحية، وقصور الأفراح، الجامعات والمدارس، أسواق المواشي والطيور والخضار، والمطاعم والبوفيهات.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لوزير الصحة د. توفيق الربيعة أثناء مبادلته مجموعة من الشخصيات التحية على طريقة التوعية «السلام نظر»؛ تنفيذا منه قبل غيره للتوعية والاحتراز من فيروس كورونا، وظهر في المقطع الوزير خلال وجوده في أحد الاجتماعات يتبادل التحية بطريقة وقائية من الفيروس على طريقة «دون مصافحة»، وهو الأمر الذي يجب الاقتداء به كإجراء احترازي من انتقال الفيروسات.

» الارتباط الشعبي

3- ظاهرة تنامي الارتباط الرسمي الشعبي،

وأشار إلى أنه على المستوى الشعبي؛ كانت هناك استجابة كبيرة للقرارات، وتابعنا ردود فعل الناس التي تمثلت في وعي مرتفع بأهمية سلامتهم وبأهمية التقيد بإجراءات السلامة، والتقليل من الخروج من المنزل، وما تبع ذلك من البحث عن الأفكار الاجتماعية التي تقرب أفراد الأسرة بعضهم ببعض، وهذه فرصة سانحة لإعادة الود والدفء الأسري، واستغلال هذه الفترة لخلق روابط اجتماعية قوية بين الآباء وأبنائهم من خلال الجلوس معهم أطول فترة ممكنة، وفتح الحوارات معهم. وما يبهج أيضا أننا رأينا التصدي القوي للإشاعات والخرافات التي لا نفع منها ولا فائدة، فالمرض هو جائحة عالمية لم يسلم منها أحد، ولا يمكن لأحد استغلالها لمآرب أيديولوجية أو سياسية.

أما على المستوى الفردي، فقد اتضح لنا مؤشر الوعي للفرد السعودي في درجة استجابته للأحداث وطريقة تعاطيه معها، وبالذات في مسألة الدور المنوط به داخل مجتمعه الأسري أو مجتمعه الوظيفي، ورأينا ذلك أيضا في التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي في نمط التغريدات والسنابات والحرص على المصداقية والبحث عن المعلومة الصحيحة، ومن ذلك أيضا اتضح لنا قوة ارتباط الأفراد بالمؤسسات الرسمية، وقوة العلاقة معها ومساندتها في مسيرتها نحو تخطي الأزمة وتجاوز هذه الجائحة.