عبدالرحمن إدريس - الدمام

فنون عريقة تنتظر التوثيق العلمي المكتوب

تُعد فنون «الزخرفة» مرآة الحضارات، فهي نتاج رؤية النفس البشرية للأشياء عبر العصور، في حين أنها ترجع إلى بدايات قديمة، حيث اكتشفت في الكهوف، مرتبطة بإنسان ما قبل التاريخ، فكانت فطرية في نشأتها، ثم تطورت إلى التشكيل الانطباعي والتجريدي، والرمزية باستخدام عناصر النبات والحيوان، الذي يظهر بالزخرفة في الأواني والأدوات المتنوعة، إضافة إلى الملامح التعبيرية الأخرى، في لوحات النقوش الصخرية.

بداية الزخرفة

وبحسب عالم الآثار البروفيسور عبدالعزيز الغزي فإن تاريخ استخدام الزخارف يرجع إلى العصور الحجرية، وبالنسبة للمملكة فلا يوجد كتاب عن تاريخ الزخرفة منذ العصور الحجرية حتى يومنا الحاضر، فيما كشفت نتائج البحث عن عشرات المواقع الرئيسة التي تستحق التوثيق العلمي في هذا الجانب، خاصة ما تمثله الآثار الزخرفية من إضافة معرفية لها دلالتها على أن بلادنا كانت موطنًا للإنسان المتحضر منذ آلاف السنين.

كنوز ثاج

ومن المكتشفات المتتالية كميات من الأواني الفخارية المزخرفة بعناصر متنوعة، والتي جاءت بفترة «العبيد» الرئيسة، ومثال آخر بموقع «ثاج» المشهور في المنطقة الشرقية وما احتواه من آثار الدمى الطينية، والأواني الفخارية والزجاجية، والحُليّ الذهبية والفضية، وهناك موقع «قُريّة» في منطقة تبوك الذي يجمع مكوّنات حضارية، من الأواني الفخارية المتنوعة، وتزيّنت بالزخارف المرسومة عليها بالألوان المتعددة، والتي تعود إلى أوائل الألف الثاني قبل الميلاد، وغيرها من الاكتشافات المماثلة في أكثر من منطقة.

مظهر تجميلي

ويقول د. الغزي إن الزخرفة تُعدّ من وسائل إضفاء المظهر الجمالي، إلى جانب كونها تعبّر عن أشياء غالبًا ما تكون لها صلة بحياة الإنسان اليومية، ومهما كان العنصر الزخرفي ومدرسته، فلا بد له من شيء لسبب وجوده في الواقع، سواء كان ذلك الشيء ماديًا أم فكريًا، كما أن للزخرفة تلك القصة التي صاحبت الإنسان منذ العصور القديمة، فالبيئة أملت عليه التمعن في الأشياء من حوله، لذلك أراد أن يصوّرها؛ ليهرب إليها عندما يجد نفسه منزعجًا من واقع أحواله.