حسام أبو العلا - القاهرة

أكد وزير حقوق الإنسان اليمني د. محمد عسكر، أن ميليشيات الحوثي ارتكبت كل أنواع الجرائم بحق الوطن والشعب، وطالب الوزير الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإدانة جرائم هذه الميليشيات التي كان آخرها استهداف السجن المركزي في تعز، مشيدا بمبادرة التحالف العربي لوقف إطلاق النار، وقال: إنها فرصة مهمة لتعزيز السلام.

مشددا في حواره مع «اليوم» على أن الميليشيات الانقلابية تخطط لاستغلال هدنة مواجهة تداعيات جائحة «كورونا» لشن هجمات على «مأرب» لبث مزيد من الفوضى، مثمنا دور «التحالف» بقيادة المملكة في إنقاذ اليمن من السقوط في المستنقع الإيراني، مشيرا إلى أن الجهود الإنسانية للمملكة كان لها الأثر الكبير في تخفيف معاناة أبناء الشعب اليمني، كما تطرق «عسكر» إلى قضايا مهمة في الأزمة اليمنية.. فإلى الحوار:

- كيف ترى مبادرة تحالف دعم الشرعية لوقف إطلاق النار؟

- أولا: نثمن جهود «التحالف» بقيادة المملكة في حل القضية اليمنية، وجاءت مبادرة وقف إطلاق النار في وقت مهم جدا لمواجهة تداعيات جائحة «كورونا»، كما أنها تؤكد دور «التحالف» في إرساء السلام في اليمن وهي امتداد لمبادرات سابقة دعا إليها، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ لعدم التزام ميليشيات الحوثي، وأرى أن هذه المبادرة فرصة مهمة لتعزيز السلام من أجل استعادة أمن واستقرار اليمن لكنها مرهونة بالتزام الحوثيين بوقف إطلاق النار مراعاة للظروف الإنسانية الراهنة التي تتطلب التركيز لمواجهة الوباء الذي يجتاح العالم .

وقد دعت وزارة حقوق الإنسان اليمنية وكافة الجهات الرسمية في البلاد منذ بداية انتشار فيروس «كورونا» في العالم إلى ضرورة الاستجابة لندءات الأمم المتحدة بوقف أعمال العنف لكن كانت ميليشيات الحوثي تتجاهل كافة هذه الدعوات، لكنها الآن بعد مبادرة « التحالف» التي لاقت دعما عربيا ودوليا كبيرا لن تستطيع اتخاذ طرق ملتوية ما قد يضعها في مأزق كبير أمام المجتمع الدولي.

- كيف تصف الوضع الإنساني في اليمن؟

- الوضع الإنساني في اليمن يمكن وصفه بأنه «وضع كارثي» منذ انقلاب الحوثيين وعبثهم بكافة مقدرات ومؤسسات الدولة منذ 2014 ما تسبب بأزمة إنسانية خانقة تكاد تكون أسوأ أزمة إنسانية في العالم وما ألحقوه من معاناة للشعب اليمني تمثل في التهجير والتشرد، وزراعة الألغام وانعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى نهبهم المساعدات الإنسانية وبيعها لشراء السلاح واستكمال حربهم العبثية، ويأتي الزج بالأطفال في المعارك ليشكل كارثة إنسانية على مستقبل اليمن ويعاني منها مئات الآلاف من الجرحى والنساء والأطفال اليتامي الذين شاهدوا أهوال الحروب والموت والدماء والرعب.

نحن أمام مشهد مرعب لجيل بأكمله حيث دمرت الحرب كافة مصادر الحياة والعيش الكريم، وقضت على الاقتصاد وتوقفت مصادر الإنتاج وتوقفت المرتبات ولم يتبق سوى نافذة واحدة هي نافذة اقتصاد الحرب.

كما أن التصعيد الأخير في جبهات القتال والهجمات التي شنتها ميليشيات الحوثي منذ مطلع العام في مأرب والجوف والحديدة والضالع، أجبرت آلاف الأسر على النزوح إلى المخيمات، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية أكثر مما هي عليه، إضافة الى تردي الخدمات الصحية وتدهور الوضع الإنساني في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الميليشيات، ما ينذر بتفشي الأمراض والأوبئة، بينما «كورونا» يجتاح العالم.

- لماذا صمت المجتمع الدولي على جريمة الحوثي الأخيرة في «تعز»؟

- استهداف السجن المركزي في محافظة تعز جريمة بشعة يندى لها جبين الإنسانية، ونطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والصليب الأحمر الدولي باتخاذ موقف جاد لإدانة جرائم هذه الميليشيات، ونحمل الحوثي كامل المسؤولية القانونية عن الدماء التي سفكت منذ بداية الانقلاب وحتى اليوم.

- هناك محاولات لمسارات سلمية في ظل «كورونا» هل تتوقع نجاحها أم تجهضها مراوغات الحوثي؟

- الحكومة اليمنية بذلت جهودا كبيرة في التعامل مع كافة الجهود الدبلوماسية الدولية والعربية الرامية لإيقاف الحرب وإحلال السلام الذي يسعى إليه اليمنيون، ومؤخرا رحبت الحكومة اليمنية بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة ودعوة مبعوثه الخاص إلى اليمن إلى التهدئة ووقف إطلاق النار لمواجهة تداعيات الجائحة العالمية لـ «كورونا»، إلا أن الحوثي يرفض، فهذه الميليشيات لا تلتزم بأي اتفاقية وتنسف جميع المساعي الدولية لإحلال السلام ولم تنفذ ما تم الاتفاق عليه من تفاهمات، إذ تنتهج هذه الجماعات الإستراتيجية الإيرانية في إطالة أمد المفاوضات غير مكترثة لأي أزمات إنسانية.

وقد تستغل هذه الهدنة من أجل التخطيط لاقتحام مدينة مأرب، وهذا يتضح جليا من خلال تصعيدها الأخير في هذه المناطق والذي يؤكد أنها لا تؤمن بالسلام وليس لها نية بذلك، لذا نطالب المجتمع الدولي بأن يكون جادا ويتخذ موقفا رادعا ضد هذه الميليشيات حتى تستجيب للمبادرات الدولية لإحلال السلام، كما يجب اعتبار ميليشيات الحوثي جزءا من منظومة إيران التدميرية بالمنطقة.

تفاقم الأوضاع الإنسانية وتردٍ صحي في مناطق سيطرة الحوثي (أ ف ب)


- هل من الممكن محاكمة قادة الميليشيات كمجرمي حرب لارتكابهم جرائم قتل بحق أطفال وشيوخ ونساء؟

- الانتهاكات التي تمارسها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران بحق اليمنيين منذ انقلابها في 2014 هي جرائم ترقى إلى جرائم حرب ويجب تقديم قادة الميليشيات المسؤولين عن هذه الجرائم للمحاكم، ونحن في وزارة حقوق الإنسان والكثير من المنظمات الحقوقية في العالم نوثق ونرصد هذه الجرائم البشعة، في القتل والتشريد والتهجير وقتل الأطفال واستغلالهم وتجنيدهم والزج بهم في الحروب، وتدمير المؤسسات التعليمية والصحية، إضافة إلى تخزين الأسلحة بين الأحياء السكنية ومنازل المدنيين، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، وحرق وسرقة المساعدات الإنسانية التي تقدم للشعب اليمني وبيعها واستخدامها لتأمين احتياجاتها في الحرب، كما تزرع الميليشيات الألغام بشكل عشوائي وبدون خارطة وتستهدف «الأعيان المدنية» المتمثلة في «المدارس والجامعات والمساكن والمستشفيات، ووسائل النقل والمواصلات، والمزارع، والمتاجر، والمساجد والمنازل ومصادر المياه وغير ذلك مما هو مخصص للأغراض المدنية»، بخلاف قتل كل من يختلف معها، بل والموالي لهم إذا لم ينفذ التعليمات، واستهداف المدنيين والأعيان المدنية في الأراضي السعودية بالصواريخ بعيدة المدى، كل ذلك وأكثر تعد خرقا للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التي تؤكد أن هذه الانتهاكات هي جرائم لا يمحوها الزمن ولا تسقط بالتقادم وسيتم ملاحقة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، لأنها جرائم بشعة يحق لأي جهة تعرضت لها أن تحاكم هذه المليشيات الإرهابية، ومؤخرا عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن أولى جلساتها لمحاكمة 32 قياديا من ميليشيات الحوثي بتهمة الانقلاب والعمل لخدمة أجندة إيرانية.

- برأيك.. لماذا تواصل الميليشيات استهدافها للمدنيين بالمملكة؟

- استمرار استهداف الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران للمدنيين والأعيان المدنية في الأراضي السعودية، هو استمرار للانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي ترتكبها الميليشيات يأتي لغياب موقف دولي رادع وكذلك عجز الأمم المتحدة عن لجمها، ويأتي التصعيد الأخير في الوقت الذي يعيش العالم حالة من لملمة الجهود لمجابهة خطر تفشي فيروس «كورونا» الذي تجتاح العالم، فيما تقوم إيران بدعم أذرعها بالصواريخ الباليستية لتهديد أمن المنطقة، غير مكترثة لما يحدث وهذا يضع المجتمع الدولي أمام تحد كبير إما أن يتخذ موقفا رادعا تجاه إيران لتغيير سلوكها وإما إن يتركها تعبث بأمن المنطقة وتهدد الأمن الإقليمي والدولي.

- ما ردك على محاولات التشكيك في دور «التحالف العربي» في دعم خيارات الشعب اليمني لاستعادة حريته؟

- «التحالف العربي» بقيادة الشقيقة السعودية ومشاركة الإمارات جاء في مرحلة استثنائية يعيشها اليمن لدعم ومساندة الشرعية اليمنية بعد أن سعت قوى إقليمية إلى تصدير أزماتها إلى المنطقة العربية، وتريد غرس مخالبها في خاصرة الأمة العربية فجاءت «عاصفة الحزم» لإنقاذ اليمن وإعادته إلى الحضن العربي بعد أن كان على وشك السقوط في مستنقع النظام الإيراني التوسعي الذي يسعى عبر أذرعته في اليمن المتمثلة في الميليشيات الحوثية تحقيق مخططاته التوسعية وتهديد أمن اليمن والمنطقة برمتها.

و«التحالف العربي» ليس تحالفا عسكريا بقدر ما هو تحالف إنساني، على مدى السنوات الخمس الماضية منذ بداية الانقلاب الحوثي لم تغب المساعدات الإنسانية عن أجندة المملكة والإمارات وكان لهما حضور كبير في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في الأعوام السابقة وجهود الدولتين المتواصلة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي، وشملت قطاع الصحة والتعليم وتقديم المساعدات الإنسانية الإغاثية والغذائية وتنفيذ عدد من البرامج الإنسانية التي كان لها الأثر الكبير في التخفيف عن معاناة أبناء شعبنا حيث قدمت دول «التحالف العربي» الكثير من الدعم الإنساني بكافة المجالات، وساعد في تخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن من خلال الدعم الإنساني السخي الذي قدمته وتقدمه للشعب اليمني في جميع المجالات الإنسانية والاقتصادية. كما أن «التحالف» بجانب وقوفه في التصدي ضد الانقلاب الحوثي واستعادة الشرعية فإنه أيضا كان ولا يزال عونا وحليفا رئيسيا سياسيا في المحافل الدولية، وميدانيا في القضاء على الإرهاب ومحاربته في المناطق المحررة وإغاثة أهلها.

- هل توثقون جرائم الحوثي بحق الشعب اليمني؟

وثقت الوزارة خلال الفترة من 21 سبتمبر 2014 إلى نهاية العام الماضي 2019، (16579) حالة قتل بينهم (3498) طفلا، و(1232) امرأة،ومحافظات تعز وعدن ولحج والضالع الأعلى في نسبة الانتهاكات، ومقتل (3681) في تعز، بينما بلغ عدد قتلى عدن (3289)، ولحج (1452) و(1378) في الضالع، وتوزعت البقية على المحافظات الأخرى، وكل تلك الانتهاكات ارتكبتها ميليشيات الحوثي ماعدا (192) حالة ارتكبتها التنظيمات الإرهابية أغلبها في عدن.

الحوثيون مستمرون في تجنيد الأطفال وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية (رويترز)


- هل لا تزال الميليشيات تجند الأطفال؟

- زادت النسبة إلى عشرة أضعاف عن الأعوام السابقة وسجلت وزارة حقوق الإنسان تجنيد ميليشيات الحوثي للأطفال بأكثر من (30) ألف طفل يمني واستخدامهم في الصفوف الأمامية لجبهات القتال، جعلهم عرضة للانتهاكات وأعمال القتل والتشويه، والعنف والحرمان من وصول المساعدات الإنسانية، وشملت عمليات التجنيد طلاب وطالبات المدارس، ودور الأيتام وملاجئ الأحداث ومناطق القبائل والمجتمعات المحلية التي تسيطر عليها. كما دمر الحوثيون القطاع الصحي، حيث إن 60 % من المرافق والمنشآت الصحية في اليمن دمرت عن طريق القصف العشوائي الذي تشنه الميليشيات الانقلابية على الأحياء السكنية أو عن طريق النهب والاستيلاء.

- التقارير تتحدث عن جرائم خطف تنفذها الميليشيات من الضحايا؟

- بالنسبة لجرائم الاختطاف والإخفاء فقد اختطفت ميليشيات الحوثي (18579) من المدنيين والنشطاء والإعلاميين، وتوفي (174) مختطفا جراء التعذيب في السجون وتعرض (36) من الصحفيين والإعلاميين للمحاكمات غير القانونية بعد إخفائهم قسريا لمدة ثلاث سنوات في سجونها السرية، علاوة على إغلاق قنوات ومواقع وصحف إعلامية، ولم تسلم النساء فقد بلغ عدد حالات اختطافهن واعتقالهن (270) جريمة وسجلت الوزارة المئات من وقائع الاعتداءات بحقهن في صنعاء، إضافة إلى الاعتداء على المساعدات الإنسانية بالسطو على 1200 باخرة وشاحنة، وتدمير أكثر من 4250 مدرسة ومنشأة صحية.