فيصل الفريان

التحوُّل إلى الخدمات الرقمية في الدول «تدريبًا وتنظيمًا وبناء قاعدة بيانات» يحتاج إلى جهدٍ على مدى سنواتٍ، وهو ما يُفسّر تأخر كثيرٍ من الأنظمة التي تعاني من قادةٍ بيروقراطيين في تقديم خدماتها الإلكترونية تسهيلًا على المستفيد أيًّا كان موقعه وصفته وثقافته وتعليمه.

ليس بالضرورة أن يكون وراء تأخير تقدّم هؤلاء البيروقراطيين إلكترونيًا، فسادٌ إداريٌّ أو مصالح شخصية، وإنما يعود في الغالب إلى الخوف من المستقبل الرقمي الذي يجهل الكثير منهم طرقه ودهاليزه وأسطح مبانيه، ولا يعرفون «فيه ومنه وعنه» إلا اسمه، ويُصوّر لهم خيالهم أنه اللص القادم لسرقة «الكرسي» منهم.

في العمل الإداري هناك «فن الصدمة»، يُبدع فيه بعض القياديين عندما يفاجئون فريق عملهم بقرار مُعيَّن «غير متوقع»، ويحقق نجاحًا مذهلًا، اعتمادًا على القائد، واستيعاب معاونيه الفكرة وآليات التنفيذ في وقتٍ محدَّد.

كورونا المستجد صدَم العالم بأسره، والمؤكد أن وراء ذلك حِكمةً إلهيّة، ونحمد المولى -عز وجل- على العافية، لكن الخدمات في كثير من الدول أصابها الشلل التام أمام الفيروس التاجي، واقتصر نظرها على ما تحت أقدامها من «وحل»، فغرقت تنتظر إعلان وفاتها أو معجزةً إلهيةً تنتشلها.

مملكتنا العظيمة والثريَّة بشعبها تُقدِّم درسًا في كيفية التعامل مع الأزمة الوبائية الاستثنائية، وأذهلت المستفيد من الخدمات الإلكترونية التي خرجت إلى الأفق بعد كورونا، وتساءل: أين كانت هي؟ ولماذا لم تُبادر الجهات لتقديمها، ولم يعلم عنها أحد سابقًا؟

البيروقراطية.. تحطَّمت أسوارها أمام عزم وقوة قيادة وضعت نِصب عينيها صحة المواطن وخدمته أولًا؛ ليتلاشى أمام ذلك جميع مَن لا يؤمن بتطوير الخدمات إلكترونيًا لمصلحة مستقبل الوطن وأجياله.

صديقٌ قريبٌ.. كان يُخفي أسرار محفظته الاستثمارية وحسابه البنكي عن أقرب المقرَّبين، إلا أنه بعد جائحة كورونا بادر إلى طلب مساعدة ابنته ذات الـ14 عامًا «مُجبَر أخاك لا بطل»، في إدارة تحويلاته المالية.

عام كورونا استثنائي بكل شيء.. حماكم الله.