شاهدنا تصريح وزير الصحة معالي الدكتور توفيق الربيعة بشأن رمضان هذا العام، وكيف سيكون مختلفًا. وشدد معاليه يوم الإثنين 20-4-2020م على أهمية الحفاظ على التباعد الاجتماعي، وضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية خلال الشهر الفضيل، موضحًا أن عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد في المملكة تجاوز الـ10 آلاف إصابة، وأنه من المتوقع تزايد الإصابات في الأيام المقبلة.
يراودنا كمجتمع سعودي الأمل بأن تعود الحياة لطبيعتها، ويكون رمضان هذا العام كما تعوّدنا، مليئًا بالعبق الروحاني، تخشع أرواحنا لسماع صلاة التراويح، وسُفر متنوعة تضج بضحكات الأهل والأصدقاء. لكن مشيئة الله اختارت أن يكون شهر الخير لعام 2020 غير، كأنها رسالة تقول: لا بد أن تستشعروا النِّعَم التي بين أيديكم ولم تكونوا تلقوا لها بالًا. ويستكمل نص الرسالة بأنه لا بد من العودة للفطرة، لنغوص في أنفسنا، نرتب أولوياتنا ونراجع حساباتنا.
وفي لحظة تأمل ووقفة مع النفس، يبدو أن كورونا كشفت لنا الكثير من الأمور المغطاة، وعرّت العديد من الممارسات الفاسدة على جميع الأصعدة. فظهر على السطح تستر عن العمالة، مخالفات، نصب واحتيال. كشفت لنا هيئة الرقابة ومكافحة الفساد الأسبوع المنصرم استغلال بعض القياديين نفوذهم الوظيفي، وأخذ رشاوى للاستحواذ على عقود وزارة الصحة لإقامة المواطنين العائدين برحلات الإجلاء في المحاجر الصحية. التزم المواطنون بالإجراءات الاحترازية، رابطوا في البيوت، لكن هؤلاء لم يلتزموا بالأمانة التي وكّلت لهم، المؤسف أن يكون الجاني هو نفسه مَن كان من المفترض أن يكون الحامي.
الوطن يتألم وينزف وهو في أمسّ الحاجة لنا، حان الوقت لرد الجميل، لكن نرى عديمي المسؤولية في ظل هذه الظروف العصيبة يستغلون الأزمة. سوّغت لهم أنفسهم على حساب أرض بذلت الغالي والنفيس لمواجهة الجائحة من أجل الإنسان أولًا. خيانة عظمى للوطن.. والموجع أن هؤلاء الفاسدين مارسوا خيانتهم في عز المحنة الصحية التي تمر بها البلاد، ولم يرفّ لهم جفن، حتى الخسّة لا بد أن يكون فيها القليل من الشرف والأخلاقيات.
فيروس كورونا يشكّل خطرًا على الصحة، لكن فيروس الخيانة أخطر وليس له طب. أعان الله هذه الأرض الطاهرة فهي تواجه الكورونا وفيروس الخيانة. الوطن يحتاجنا أكثر من ذي قبل لمواجهة هذه الكارثة الصحية، والمتربصين بنا من كل جهة، لنكون له عونًا بدلًا من أن نكون حملًا ثقيلًا يكبّله. ما يُثلج الصدر أن السعوديين فيهم من الخير والولاء الكثير، وما حدث هو الاستثناء. والوطن كفيل بعون الله بأن يحمي نفسه من فيروسات الأوبئة والخيانة وكل فيروس يحاول النيل من عظمة وثبات هذا البلد العظيم.
لنستمر في التزامنا بالإجراءات الاحترازية، وبإذن الله ستنجلي الغمة عاجلًا غير آجل، قد تكون فرحتنا برمضان ناقصة هذا العام، لكن كل شيء يهون من أجل تراب الوطن الغالي وسلامة الجميع.. حمانا الله وإياكم.
DrAL_Dossary18 @