فيصل الظفيري

* في حياتنا العملية تجارب وخبرات كثيرة، بعضها مع تكرار المحاولات والخطأ نهتدي بها إلى طرق جديدة ومميزة لممارسة أعمالنا، وهذه الخبرات والممارسات تبقى للأسف عند كثير من الناس والجهات حبيسة في ملفاتهم الخاصة، حيث يمر الزمان عليها ولا يُعلَمُ عنها إما لكسل أصحابها عن نشرها، أو بسبب انشغالهم في أعمالهم وحياتهم الخاصة.

* وبعض هذه الخبرات مفيد جدًا، ويختصر أشواطًا من الزمن على كثير من المبتدئين أو ممارسي هذه الأعمال. ويظن الكثير أن عرض هذه التجارب المميزة في المؤتمرات وورش العمل يكفي لإيصالها إلى مَن يحتاجها من المتخصصين، لكن الواقع يتطلب جهدًا أكبر من عرضها فقط في مؤتمر هنا وهناك. بل أرى أنها تحتاج إلى سجل وطني للخبرات تصنف فيه هذه الممارسات حسب اختصاصها، وحسب مهامها؛ لتكون مرجعًا لكثير من الجهات الحكومية والخاصة التي تمارس نفس هذه الأعمال، بحيث تستفيد من بعضها البعض بدلًا من العمل الذي يتم حاليًا، ويعتمد على حماس مسؤولي هذه الجهات في البحث عن الخبرات المميّزة، والسعي للاستفادة منها. والأمر برأيي لا يقتصر على الخبرات والممارسات في الجوانب الإنشائية أو المشاريع الهندسية، بل لابد أن يشمل أفضل الممارسات في الجوانب الإدارية والتقنية، وهي ممارسات كثيرة ومميزة، وتملك كثير من الجهات سجلًا حافلًا بها، يمكن أن يُستفاد منه في تخفيض تكاليف أي مشروع، فالهيئة الملكية بالجبيل على سبيل المثال تملك مركزًا للأبحاث أنشئ في ثمانينيات القرن الماضي، بالتعاون مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لدراسة آثار التآكل على المواد والمعادن في البيئات الساحلية، فتصوّروا كيف سيكون أثر هذه الأبحاث والنتائج على تخفيض التكاليف والاستدامة للمواد المستخدمة في المباني والمشروعات الحكومية. ومن المُحزن أن تبدأ جهة ما مشروعًا دون الاستفادة من سجل الخبرات السابقة التي تلامس عمل هذا المشروع؛ مما يجعلها تتكبّد تكاليف مادية ومعنوية كان ممكنًا تجاوزها.

* إضافة إلى أن كثيرًا من الجهات تظلم نفسها بعدم كتابة ممارساتها الناجحة أو حتى تسويقها، فقد تكون في المستقبل استثمارًا مربحًا لها ومانعة لخسائر فادحة في جهات أخرى.

dhfeeri@