حين نجلس مع من نحب يمضي الوقت سريعا، وكذلك كان هو الحال مع شهر رمضان. وها نحن نستقبل عيد الفطر المبارك، والذي ينطبق عليه واقعيا قول المتنبي:
عيد بأية حال عدت يا عيد... بما مضى أم لأمر فيك تجديد.
نعم، إنه أمر جديد علينا ومختلف عما سبقه من الأعياد بسبب ما نعيشه في ظل جائحة فيروس (كورونا المستجد) حيث حتمت الظروف علينا البقاء في منازلنا متباعدين.
وحتى وإن كانت الأجسام متباعدة عن بعضها البعض بحكم الضرورات، فنرجو ألا تكون القلوب هي أيضا متباعدة! فالعيد يفترض به أن يغسل القلوب المتشاحنة، وأن يداوي الأنفس المتنافرة. ويفترض به كذلك أن يقرب البعيد، ويأنس به الغريب لما يجد فيه من ألفة والمحبة.
وقد لا نستطيع هذه السنة أن يزور بعضنا البعض كما كنا نفعل، ولن نستطيع أن نجتمع على وجبة صباح أو مساء كما تعودنا في كل سنة، ولكن يمكننا أن نتواصل باستخدام الاتصالات والتقنية الحديثة وعبر مختلف تطبيقات التواصل الاجتماعي. وكلها وسيلة من أجل غاية مهمة دينينا واجتماعيا، ألا وهي صلة الأرحام والأقارب. والواقع أن هذه الوسائل بتوفرها وبسهولة استخدامتها هي نعمة من الله بها علينا، وهي ترفع العذر في عدم التواصل مع الآخرين، فحتى المتكاسل يستطيع ولو بأضعف الإيمان أن يرسل رسالة واحدة يتيمة من أجل التهنئة والتبريكات، وإن كان الاتصال والتواصل أولى وأفضل، ولكن على قاعدة (ما لا يدرك كله لا يترك جله)!
والعيد لا يأتي إلا بخير، ولعل بشائر زوال هذه الجائحة يكون قريبا إن شاء الله، ولا بد أن يكون التفاؤل هو سلاحنا الدائم، وأيضا العمل بالتوجيهات والتعليمات الرسمية والصحية من أجل أن تنجلي هذه الأزمة عاجلا غير آجل، وكما قيل: اشتدي أزمة تتفرجي قد آذن ليلك بالبلج. ومن الحكمة والعقل أن نواصل جميعا المسير متعاونين ومتمسكين بالأمل بالله ثم بشعار (كلنا مسؤول) من أجل الوطن والمجتمع وحفظ الأنفس.
وسيظل العيد مهما كانت الظروف له نسمات من السعادة يتذوق طعهما من كان قلبه منفتحا على العطاء ومملوءا بحب السعادة للآخرين. وسيشعر بها كل من وضع الأحزان خلف ظهره في أيام العيد المعدودات ليشارك الناس والأقربين فرحتهم. وتظهر تلك الصورة واضحة وجلية على قلوب الأطفال، فهم لا يحملون الهم والحزن معهم طوال الوقت، بل يقذفون بهما خلف ظهورهم متناسين الماضي وغير قلقين بشأن المستقبل حتى يعيشوا ويهنأوا باللحظة والفرحة التي بين أيديهم. وهم أيضا يسعدون بأقل الوسائل والإمكانيات مهما كانت متواضعة وصغيرة لأن قلوبهم كالطير خفيفة وحانية.
والعيد فرصة رائعة للخروج من رتابة الأيام وتشابهها، وحتى في أيام الجائحة سيصنع الإنسان عيده في بيته ومع أسرته وبمشاركة الآخرين عبر وسائل التواصل الحديثة. يقول الشيخ الأديب علي الطنطاوي -رحمه الله- في كتابه (مع الناس): «وهي أعياد فرحة ومسرة، ولهو شريف، ومتاع حلال. والإسلام ليس دين تزمت ولا يحارب طبيعة النفوس التي طبع الله الناس عليها ولا ينافي الفطرة، ولكنه يمنع ما فيه ضرر».
وأعتقد أن الوضع الراهن (العيد والجائحة) هو فرصة لتصافي القلوب التي بينها شحناء أو جفاء أو خصومة، وخصوصا تلك التي تقع بين الأقرباء والأرحام القريب منهم والبعيد. وهي فرصة مضيئة لفتح النافذة لابتداء صفحة جديدة في العلاقات المتوترة والفاترة.
والعيد عذر جميل لمن كان مترددا في وصل ما كان مقطوعا، وأن يبتدئ صاحبه بالسلام ولو برسالة عفوية لعلها تداوي الجراح وتفتح أبواب الأفراح، فتلك من شيم النفوس الكبيرة. فقد قال حبيبنا عليه الصلاة والسلام لقومه بعدما كذبوه وطردوه وضربوه وشجوه وأدموه: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
فهل سيمضي عيد بعد عيد والقلوب مشحونة ولا تغفر؟!
abdullaghannam @
عيد بأية حال عدت يا عيد... بما مضى أم لأمر فيك تجديد.
نعم، إنه أمر جديد علينا ومختلف عما سبقه من الأعياد بسبب ما نعيشه في ظل جائحة فيروس (كورونا المستجد) حيث حتمت الظروف علينا البقاء في منازلنا متباعدين.
وحتى وإن كانت الأجسام متباعدة عن بعضها البعض بحكم الضرورات، فنرجو ألا تكون القلوب هي أيضا متباعدة! فالعيد يفترض به أن يغسل القلوب المتشاحنة، وأن يداوي الأنفس المتنافرة. ويفترض به كذلك أن يقرب البعيد، ويأنس به الغريب لما يجد فيه من ألفة والمحبة.
وقد لا نستطيع هذه السنة أن يزور بعضنا البعض كما كنا نفعل، ولن نستطيع أن نجتمع على وجبة صباح أو مساء كما تعودنا في كل سنة، ولكن يمكننا أن نتواصل باستخدام الاتصالات والتقنية الحديثة وعبر مختلف تطبيقات التواصل الاجتماعي. وكلها وسيلة من أجل غاية مهمة دينينا واجتماعيا، ألا وهي صلة الأرحام والأقارب. والواقع أن هذه الوسائل بتوفرها وبسهولة استخدامتها هي نعمة من الله بها علينا، وهي ترفع العذر في عدم التواصل مع الآخرين، فحتى المتكاسل يستطيع ولو بأضعف الإيمان أن يرسل رسالة واحدة يتيمة من أجل التهنئة والتبريكات، وإن كان الاتصال والتواصل أولى وأفضل، ولكن على قاعدة (ما لا يدرك كله لا يترك جله)!
والعيد لا يأتي إلا بخير، ولعل بشائر زوال هذه الجائحة يكون قريبا إن شاء الله، ولا بد أن يكون التفاؤل هو سلاحنا الدائم، وأيضا العمل بالتوجيهات والتعليمات الرسمية والصحية من أجل أن تنجلي هذه الأزمة عاجلا غير آجل، وكما قيل: اشتدي أزمة تتفرجي قد آذن ليلك بالبلج. ومن الحكمة والعقل أن نواصل جميعا المسير متعاونين ومتمسكين بالأمل بالله ثم بشعار (كلنا مسؤول) من أجل الوطن والمجتمع وحفظ الأنفس.
وسيظل العيد مهما كانت الظروف له نسمات من السعادة يتذوق طعهما من كان قلبه منفتحا على العطاء ومملوءا بحب السعادة للآخرين. وسيشعر بها كل من وضع الأحزان خلف ظهره في أيام العيد المعدودات ليشارك الناس والأقربين فرحتهم. وتظهر تلك الصورة واضحة وجلية على قلوب الأطفال، فهم لا يحملون الهم والحزن معهم طوال الوقت، بل يقذفون بهما خلف ظهورهم متناسين الماضي وغير قلقين بشأن المستقبل حتى يعيشوا ويهنأوا باللحظة والفرحة التي بين أيديهم. وهم أيضا يسعدون بأقل الوسائل والإمكانيات مهما كانت متواضعة وصغيرة لأن قلوبهم كالطير خفيفة وحانية.
والعيد فرصة رائعة للخروج من رتابة الأيام وتشابهها، وحتى في أيام الجائحة سيصنع الإنسان عيده في بيته ومع أسرته وبمشاركة الآخرين عبر وسائل التواصل الحديثة. يقول الشيخ الأديب علي الطنطاوي -رحمه الله- في كتابه (مع الناس): «وهي أعياد فرحة ومسرة، ولهو شريف، ومتاع حلال. والإسلام ليس دين تزمت ولا يحارب طبيعة النفوس التي طبع الله الناس عليها ولا ينافي الفطرة، ولكنه يمنع ما فيه ضرر».
وأعتقد أن الوضع الراهن (العيد والجائحة) هو فرصة لتصافي القلوب التي بينها شحناء أو جفاء أو خصومة، وخصوصا تلك التي تقع بين الأقرباء والأرحام القريب منهم والبعيد. وهي فرصة مضيئة لفتح النافذة لابتداء صفحة جديدة في العلاقات المتوترة والفاترة.
والعيد عذر جميل لمن كان مترددا في وصل ما كان مقطوعا، وأن يبتدئ صاحبه بالسلام ولو برسالة عفوية لعلها تداوي الجراح وتفتح أبواب الأفراح، فتلك من شيم النفوس الكبيرة. فقد قال حبيبنا عليه الصلاة والسلام لقومه بعدما كذبوه وطردوه وضربوه وشجوه وأدموه: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
فهل سيمضي عيد بعد عيد والقلوب مشحونة ولا تغفر؟!
abdullaghannam @