عبدالعزيز الذكير يكتب:

من قائل إن مفردات شبه جزيرة العرب، المتعلّقة بالآخر أي مستقبِل الحديث أو الجواب أو الاستفهام، تتسم بقدر من الجفاف أو اليبوسة والضمور. وآخرون لا يرون ذلك وأن بعض الأوامر بفعل أو الامتناع عن فعل، ما هي إلا نتيجة تراكمات السماع، وشخصيا أميل إلى تبني الفكرة الأولى.

أغلب أدب المحادثة في المنطقة الوسطى من بلادنا يفتقر إلى شيء من الرومانسية. أو أنه يغلب عليه الطابع الخشن أو القاسي بعض الشيء. وقد يكون للوعورة والحياة الشاقة في السابق دور في ذلك، حيث كان مجمل سكان الجزيرة العربية يقضون جل وقتهم بحثاً عن الأفياء أو الماء أو العشب، فمن أين تأتي الرومانسية..!!

عندما تصطدم بشخص، عن قصد أو غير قصد، في الغرب، فغالبا سيكون رد الطرف الآخر: سامحني، أو آسف. وعندنا في الشرق: عَمى.. ما تشوف!.

وفي بعض الأحيان يرتفع سقف التحبّب والمجاملة بين صديقين لم يريا بعضهما من مدة، وتلاقيا صدفة إلى عبارة: إما الْعَنِهْ.. (عليك اللعنة)

ويندر - قل ينعدم - استعمال كلمة «وش بلاك» في البلاد العربية المجاورة لشبه الجزيرة العربية، وذلك لجعلها تسبق السؤال عن أمر عادي مثل: وش بلاك ما جيت (لماذا لم تأتِ). والسبب أن كلمة البلاء تعني الشقاء والبؤس والضرّاء.

ولا أعتقد أن كلمة (أبْكْ) التي تسبق بعض الجُمل عند البعض تصلح لبدء حديث ودي، والمفردة مصطلح قبَلي يعني أنصت أو استمع، ونسمع قول: أبك وينك، أبك أنت معي؟.

وسمَتْ لغة الضاد وآدابها عن الانغماس في مفردات (لك عليها!). وقرأتُ بيت الشعر الغزلي التالي المنسوب إلى أكثر من شاعر غزل. يقول البيت: -

ولو تَفَلَتْ في البحر والبحر مالحٌ + لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا.

وتصدى نُقاد كثر لحشر كلمة: تَفَلَت وقالوا: لو أن الشاعر قال: -

ولو أنّ ماء البحر لامس ثغرها + لأصبح ماء البحر من ريقها عذْبا.

وقالوا كيف يصف شاعرٌ غزل محبوبته بأنه «تتفل».

أذهب إلى مجال آخر في لغتنا المحكية، وتدقّ ببالي عبارة يُراد بها مدح شخص ما ووصفهُ بالصبر والتحمّل. وهي عبارة: فلان حْمار شغُلْ، أي أنه يتحمّل المشاق في سبيل إنجاز المهمات. وإذا قالها أحدهم فهو ربما يوصي بتوظيف ذلك الطرف.

ولو أراد أحدهم أن يصف اثنين بالتشابه الكبير فيقول: تفلةٍ بِجْدار، والذي يحيرني أن نفس التعبير وذات المعنى جاء بالإنجليزية Spit Image.

A_Althukair@