د. ريم الدوسري

الأسبوعان الماضيان كانا ملغمين بالأحداث المزعجة، فرأينا العنصرية والعنف ضد الإنسان والحيوان. شاهدنا في الولايات المتحدة الأمريكية أبشع صور العنصرية، والتي تمثلت بعبارة (لا أستطيع التنفس) لمواطن أمريكي أسود قتل على يد رجل شرطة أبيض، أثار مقتله اضطرابات ضخمة. الحادثة سلطت الضوء على التمييز غير المبرر ضد السود من جديد، ووضحت تناقضات السلطات الأمريكية بممارسة العنف وإهانة كرامة الإنسان، وهذا كله تحت وطأة التصوير والتوثيق فكيف حينما تختفي الكاميرات. لكن عندما كانت تحدث نفس المشاهد في الدول العربية كانت أمريكا نفسها تنتقد تلك الأنظمة في تعاملها مع شعوبها. هذه القضايا تجعلنا نتفكر بعمق، هل فعلاً أمريكا متقدمة في حقوق الإنسان؟ هل هذه المظاهرات بداية لربيع أمريكي أم أسود أو مجرد سحابة صيف وستنجلي؟

تجبرنا الحياة في بعض الأحيان على فعل أشياء غير منطقية، وقد تكون العنصرية أحد أسبابها، وهذا بالفعل ما قام به الدكتور «جيمس بارى» الجراح البريطاني الذى مارس الطب على أنه رجل، واتضح بعد وفاته أنه امرأة تنكرت؛ لأن الطب في ذلك الوقت كان محصورا على الرجال، وهذا أحد أنواع العنصرية ضد النساء. العنصرية لا تقتصر على شريحة أو طبقة معينة، تصدر أحيانا وللأسف من الصفوة الذين يختبئون خلف الشعارات والألقاب المزيفة. التمييز العنصري يعود بنا للعصر الجاهلي، والذي له أشكال وأنواع عديدة ضد الجنس البشري كاللون والقبيلة. هذه المظاهر تجعل الإنسان الطبيعي يشعر بالغثيان، فلم يكن لنا الخيار في أي مما سبق فنحن ولدنا بها.

المملكة - ولله الحمد - تنبذ العنصرية، تحافظ على حقوق الإنسان، وتحرص على المساواة بين الجنسين. أكبر دليل على ذلك زيارة الملك فيصل - رحمه الله - لأمريكا عام 1966 والتطبيق العملي لمقت العنصرية حين خرج مع وفده لتناول الطعام في أحد مطاعم نيويورك، فقام النادل -الأبيض- بتقديم الطعام للملك ومرافقيه البيض فقط، ورفض تقديمه لصاحب البشرة السوداء. فلقن الفيصل ذلك النادل درسا إنسانيا، وقدم الطعام للرجل بنفسه. هؤلاء هم القادة السعوديون يتسمون بالتواضع، القيم والأخلاق الرفيعة. كما يحضرني المواطن الذي استهزأ وأساء لإحدى القبائل في تويتر وكيف تم القبض عليه مباشرة تأكيدا على ذلك.

الحدث الحزين الآخر هو تعرض طفلة باكستانية لأبشع أنواع الظلم والعنف، عملت كخادمة في أحد المنازل مقابل أن تحصل على التعليم؛ بسبب تحريرها لببغاوين بمحض الصدفة أو الخطأ، ضربت ضربا مبرحا حتى الموت، فبأي ذنب قتلت؟ وأخيرا لقيت أنثى فيل حامل تبلغ من العمر 15 عامًا مصرعها بولاية كيرالا بالهند بعد أن تناولت فاكهة أناناس مفخخة، فضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالاستياء من هذا الفعل الشنيع.

الأحداث العالمية السابقة أثبتت بأن الجهل هو عدو الإنسانية والبيئة الأول. وكما قيل لا يوجد وحش أبشع من الإنسان الجاهل، وأنا أقول من العنصري والقاسي. يشوة البشر كل جميل بالعنف والعنصرية، ونريد أن يزاح عننا البلاء ونحن مؤذون، وبلا رحمة أو ضمير.

علموا أولادكم مقت العنصرية، الرحمة بكل شي له روح، وأستغل الفرصة في هذه الأجواء الحارة التي نعيشها فأوصي نفسي وأوصيكم بسقيا الماء للقطط والطيور.

DrAL_Dossary18 @