د. جاسم المطوع

الدراسات الأجنبية أغلبها يتحدث عن قضية تعدد العشيقات أو الخليلات أو الصديقات للرجل، وكأن المسألة هي الأصل في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة، وهناك دراسات كثيرة تتحدث أن الرجل لا تكفيه امرأة واحدة، وأن الرجل سريع الملل ويحب التغيير، وأبحاث أخرى تبين أن أغلب الرجال بصريون ويحبون أن يلاحقوا النساء بعيونهم، وتلك الدراسات ليست بالضرورة أن تكون صحيحة ولكنها تتعامل مع واقع بشري، ولهذا قدم لنا الإسلام علاجا لمن لديه رغبة في تعدد العلاقات النسائية بالزواج من أخرى حتى لا يتعامل مع المرأة وكأنها لعبة يتسلى بها، وأحببت أن أبين الفرق بين (تعدد العشيقات) و(تعدد الزوجات) وأثر ذلك على المرأة والرجل والطفل والمجتمع.

بالنسبة للمرأة تعدد الخليلات يضيع حقوقهن المالية، لأن الرجل غير ملزم بأي مسؤولية مالية تجاه الخليلة أو العشيقة، وتكون العلاقة معرضة للهجر والابتعاد بسهولة لعدم وجود رابط قانوني أو شرعي يلزم الطرفين بالاستمرار، ومن سلبيات تعدد الخليلات وجود خوف من المجهول عند الطرفين، سواء كان الخوف من انتشار الأمراض الجنسية أو قد يكون الخوف من الفضيحة المجتمعية أو الخوف من مخاطرة الحمل والولادة بسبب علاقة عابرة، ولعل أكثر ما يؤذي مشاعر المرأة أنها تشعر بأنها غير محترمة وغير مقدرة وكأنها سلعة يجربها من يأخذها ثم يتركها وقتما يشاء، أما تعدد الزوجات ففيه إيجابيات كثيرة منها أن الحقوق المالية محفوظة للمرأة، وأنها تعيش في كنف زوج يقدرها ويحترمها وهي مطمئنة ومستقرة، وتنعم بالسكن والاستقرار ولديها ضمان بأن العلاقة الخاصة بينهما نظيفة ونقية وطاهرة، كما أنه من حقها أن تحمل وتلد وتسعد بإنجاب الأطفال، وتشعر باحترام المجتمع لها.

بالنسبة للأثر على الرجل فتعدد الخليلات لا يشعره بالمسؤولية تجاه المرأة، ويكون حرا في تبديل من يريد، وقد يتعرض للأمراض الجنسية، ولا يكون لديه ثقة بإخلاص النساء لكثرة ما يشاهد من علاقات، ويكره الإنجاب والأولاد منهن، وتضيع أمواله بسبب شهواته عليهن، وتكون نفسيته بعد حين غير مستقرة ولا يشعر بالهدوء والسكينة ويعيش بشؤم المعصية ومحق البركة في ماله وصحته وحياته بسبب ارتكابه لمخالفة أوامر الله تعالى، أما تعدد الزوجات فيشعر الرجل برجولته، وأنه قادر على تحمل المسؤولية، كما أنه مقيد بالواجبات والالتزامات تجاه الزوجة، ويكون واثقا بإخلاص المرأة ووفائها له، ويسعد بالإنجاب منها، وتنمو أمواله ببركة الرزق والحلال، وهو مقيد بالعدل بين الزوجات ولديه شعور بالراحة لأن ربه راض عنه.

بالنسبة للأثر على الطفل فتعدد الخليلات ينتج عنه أطفال لا آباء لهم ويتربون بدور الإيواء، وأطفال آخرون غير مستقرين عاطفيا واجتماعيا، وبعضهم لديه أمراض نفسية، ويكونون مكروهين من والديهم لأنهم ولدوا من غير تخطيط ولا مسؤولية، ففي الغالب لا مستقبل لهم كما أن مشاكلهم كثيرة، أما تعدد الزوجات فينتج عنه أطفال معروفو الهوية، وهم أصحاء ويتربون ببيئة مستقرة، ويكونون مدللين ومحبوبين ومقبولين حتى من جدهم وجدتهم فيعيشون في مناخ عائلي صحي، وحقوقهم المالية معروفة وتعليمهم مميز ومستقبلهم واضح.

أما بالنسبة للأثر على المجتمع فتعدد الخليلات يساهم في نشر الأمراض الجنسية، ويزداد فيه الأطفال مجهولو الوالدين، وتدمر فيه العائلة وينتشر فيه الزنى والشذوذ، وتزداد فيه الجريمة فيكون مجتمعا مفككا، بينما نظام تعدد الزوجات يجعل المجتمع تنتشر فيه العفة والعفاف وتكبر فيه العائلة، ويخلو من الأمراض الناتجة من العلاقات غير الشرعية، ويسود فيه الأمان، ويخلو من أولاد الزنى فيكون مجتمعا متماسكا كأنه بنيان مرصوص، ويعلو فيه صوت الإيمان.

@drjasem