د. عبدالوهاب القحطاني

من الأهداف العديدة لرؤية 2030 تنفيذ المشاريع التي تساهم في النهضة الاقتصادية وتشجع على نمو المحتوى المحلي في تلك المشاريع، لذلك يجب أن تكون هناك مواءمة في المنافسات والمناقصات والمشتريات والسياسات الحكومية لتذليل المعوقات التي تساهم في قصور التنفيذ على مستوى الحكومة والشركات المنفذة. لقد أقر مجلس الشورى في إحدى جلساته دراسة تعديل بعض مواد نظام المنافسات والمشتريات الحكومية قبل حوالي ستة أعوام، وذلك بطلب من أحد أعضاء المجلس ودعم قوي من عدد كبير من بقية الأعضاء لتواكب متطلبات التنمية في المملكة فيما يتعلق بإرساء المشاريع الحكومية على مقاولين من ذوي الجودة والكفاءات التنفيذية العالية. وقد جاءت هذه الحاجة بعد تعثر أو فشل بعض المشاريع الحكومية التي يعتقد أن للمقاولين مساهمة كبيرة في تعثرها، ناهيك عن دور الإجراءات المالية غير المناسبة وغير الموائمة للعصر في وزارة المالية والجهات المستفيدة من المشاريع.

إن مواكبة الأنظمة واللوائح للمستجدات في البيئة الاقتصادية ضرورة لنجاح تنفيذ المشاريع الحكومية وغيرها بالتكلفة المناسبة وفي الوقت المناسب والجودة المناسبة. ولا شك أن التغير في البيئة الخارجية سواء كان إيجابا أو سلبا يؤثر في نجاح وفشل المشاريع الحكومية المطروحة على المقاولين السعوديين وغيرهم، لذلك يتطلب الأمر دراسة ما يجب تغييره من إجراءات وبنود ومواد نظامية لتواكب المتغيرات والمستجدات الطارئة والمستمرة لأن التطوير المستمر والتكيف معها يساهم في نجاحها.

إن تعديل اللوائح والأنظمة إضافة ضرورية تفرضها متغيرات كثيرة أغلبها خارج نطاق تحكم الدولة ممثلة بوزارة المالية، ومنها غلاء المواد الأساسية من مصدر الاستيراد لتنفيذ المشروع. ولوزارة المالية دور كبير في تعثر هذه المشاريع إما بسبب سوء تقديرها للتكاليف أو إرسائها على مقاولين أقل تكلفة وأقل جودة وأقل جدارة مما يؤدي إلى تعثرها. إن لتأخير مستحقات المقاولين أو تعقيد الإجراءات ممارسات غير محفزة. وقد يكون للجهة الحكومية المستفيدة من المشروع الحكومي دور في تعثره أو فشله، وذلك لعدم قدرتها على تقدير المدة الزمنية لتنفيذ المشروع، ناهيك عن ضعفها القانوني في كتابة العقود وشروطها وتكاليفها. ومن الأهمية أن تتقدم الجهة الحكومية المستفيدة من المشروع بدراسة مستفيضة عن المشروع الذي ترى حاجتها له لتنفذ دراسة الجدوى مؤسسات متخصصة في البحوث والدراسات، خاصة في تكلفة المشروع.

إن لعدم التنسيق أو ضعفه بين الجهة الحكومية المستفيدة والشركات أو المؤسسات المنفذة للمشروع دور كبير في تعثره، ناهيك عن عدم توافر التنسيق الفعال مع وزارة المالية، لذلك يجب التكامل والتنسيق بين هذه الجهات بفاعلية في كل مرحلة من مراحل تنفيذ المشروع حتى لا تكون هناك ثغرة للتعثر أو الفشل. ومن الأهمية التكامل بين الجهات الحكومية المستفيدة من المشروع وجهات أخرى تقوم بتقديم الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والاتصالات والبلدية والمواصلات وغيرها، وهنا تكمن أهمية التنسيق مرة أخرى.

ولقد أصبحت مسئولية ومحاسبية تعثر المشروع كاملة على المقاول المنفذ سهلة من قبل وزارة المالية التي تريد من جميع الوزارات والإدارات والهيئات الحكومية التكيف مع إجراءاتها البيروقراطية المكلفة والمساهمة في تعثر أو فشل المشاريع. إضافة إلى ذلك أن وزارة المالية لا تكيف العقود مع تغير التكاليف المتغيرة للمواد الأساسية التي تؤثر في ربحية المقاولين، لذلك يجب عليها المرونة وإعادة النظر فيما يطرأ من تغير مفاجئ في التكاليف.

dr_abdulwahhab@