صفاء قرة محمد ـ بيروت

رؤساء حكومة سابقون يرفضون الاجتماع.. ومراقبون يشكوكون بنجاحه

تتجه الأنظار نحو القصر الجمهوري في بعبدا اليوم الخميس، وتحديداً إلى «لقاء بعبدا»، الذي يجمع الأقطاب السياسية بدعوة من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، ويهدف الاجتماع إلى إيجاد جو وفاقي بين الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري مما يمهّد الى إسقاط حكومة حسان دياب والإتيّان بحكومة وحدة وطنية يرأسها الحريري يرجح مراقبون للشأن اللبناني أن يفشل هذا الاجتماع، رغم أنه يبدو كمحاولة لإنقاذ لبنان من الفتنة السنية ـ الشيعية، التي دفع بها حزب الله بعد أن هاجم عناصره ومؤيدوه مناطق في العاصمة بيروت ذات الغالبية السنية.

اندلاع فتنة

ويرى مراقبون أن «ما يحدث في لبنان من تطورات قد تصل إلى اندلاع فتنة طائفية وما يحصل من انهيار على المستوى المعيشي والاقتصادي والمالي والمجتمعي هو بسبب سلاح »حزب الله»، والعقوبات الأمريكية المتتالية على الحزب، التي انعكست على كل لبنان إلى حد كبير».

وينظر اللبنانيون إلى مسعى الرئيس عون أنه يريد إعادة العجلة إلى الوراء بعدما أدار ظهره للبنان وفضل مع صهره رئيس التيار «الوطني الحر» جبران باسيل مصالحهما الحزبية على مصالح اللبنانيين، فكل ما وعد به الرئيس قبل تسلمه الرئاسة وكذلك ما وعد به باسيل قبل الانتخابات النيابية ذهبت في مهب الريح، فالفساد لا يزال مستشريا ومعظم ملفاته لم تفتح، بل العديد من اللبنانيين على المستوى الشعبي والسياسي يرى أن الأمور وصلت إلى طريق مسدود بعد تحالف الرئيس وصهره مع «حزب الله»، وأنه شكل له الغطاء السياسي ومظلة، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك حين اعتبروا أن الرئيس سلم لبنان إلى حزب الله.

حكومة وحدة

ويجزم المحلل السياسي الدكتور فادي الأحمر، في تصريح لـ«اليوم»، بأنه «لن تكون هنالك نتيجة من حوار بعبدا، أو من تأليف حكومة وحدة وطنية، لأنه منذ خروج قوات النظام السوري في العام 2005، أي منذ 15 سنة تبين أن كل حكومات الوحدة الوطنية أو الوفاق الوطني لم تجد نفعاً، خصوصاً على قاعدة المنطق الذي يدار به البلد إن كان على مستوى الإصلاحات أو المحاصصة أو تحسين الوضع المعيشي للمواطن، أو بلورة خطة اقتصادية للنهوض بالوطن، لهذا فلا يوجد أمل من حكومة وحدة وطنية لا بل الأوضاع ستتجه إلى المزيد من السوء».

ويستبعد الأحمر «إمكانية تأليف حكومة وحدة وطنية في ظل الخلافات السياسية القائمة، بالإضافة إلى الانقسام العامودي في البلد، أما على المستوى الخارجي فالسؤال المطروح ما الذي ستتمكن حكومة الوحدة الوطنية من تغييره تجاه الوضع المأساوي، الذي يمر به البلد في علاقاته العربية والدولية في ظل وجود سلاح حزب الله»، قائلاً: «إذا كانوا يعتقدون أن حكومة الوحدة الوطنية قادرة على إنقاذ البلد من الانهيار، فهذا أمر مستبعد، لأن الحكومات المتعاقبة تحت عنوان الوحدة الوطنية أثبتت سوء إدارتها للبلد وعدم وجود خطط اقتصادية بالإضافة إلى الفساد ونهب المال العام، وهذا ما أوصل البلد إلى هذه المرحلة».

مشكلة السلاح

ويسأل المحلل السياسي «هل حكومة الوحدة الوطنية مستعدة لمفاوضة حزب الله بشأن سلاحه، والانطلاق بخطوة أولى باتجاه إستراتيجية دفاعية ومن ثم يسلم سلاحه، بالتأكيد ذلك لن يحصل لأنه لا يوجد طرف من المعارضة مستعد لطرح هذه المسألة على بساط البحث أو على طاولة المفاوضات أو الحكومة، والبرهان على ذلك أنهم لا يثيرون هذه المسألة فلا القوات اللبنانية أو تيار المستقبل أو الحزب التقدمي الاشتراكي، لا يمكن البدء بإخراج لبنان من الأزمة، التي يعيشها دون البدء بسلاح حزب الله».

ويشدد على أن «المطلوب اليوم ليس مصالحة بين الأطراف السياسية، بل المطلوب هو مصالحة بين الشعب والدولة على قاعدة طرح إيجاد حل لسلاح حزب الله»، موضحاً أن «عون تأخر كثيرا في الدعوة للحوار، الذي يجب أن يكون في 18 أكتوبر 2019 أي ثاني يوم من بدء الثورة اللبنانية، لملمة الوضع وكيفية الخروج من الأزمة حتى ما قبل 18 أكتوبر، أي عندما قال للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي إن لبنان مفلس للقيام بخطوات إصلاحية ولوضع الجميع أمام مسؤوليته، والادعاء بأنه مورط بالأزمة وهذا أمر غير صحيح، فهو في الحكم منذ 15 سنة، لهذا فهو متورط في الفساد والأزمة القائمة».

مقاطعة الاجتماع

ورغم أنه لم يتضح بعد مشاركة الرئيس سعد الحريري في اجتماع بعبدا حتى مساء أمس إلا أن من المرجح مشاركته على أساس أنه لا يريد رفض دعوة الرئيس بري، الذي دعاه للاجتماع في محاولة منه لتجاوز أحداث بيروت، لكن رؤساء الحكومة السابقين رفضوا الحضور إلى بعبدا وأعلنوا في بيان صدر الإثنين «عدم المشاركة في لقاء بعبدا». وأوضحوا أن «عدم المشاركة هي اعتراض صريح على عدم قدرة السلطة على ابتكار الحلول، التي تنقذ لبنان بكل مكوناته». وأشاروا إثر انتهاء اجتماعهم في «بيت الوسط» في بيان تلاه الرئيس فؤاد السنيورة، إلى أن «دعوة بعبدا إلى اللقاء والهدف المعلن منها في غير محلها شكلا ومضمونا، وتشكل مضيعة لوقت الداعي والمدعوين في وقت تحتاج البلاد إلى مقاربة مختلفة». واعتبروا أن «أداء الحكومة في الأشهر الماضية يعطي إشارات إلى عجز فاضح عن أن تكون البلاد في مستوى التحديات الجدية والأحداث الخطيرة، ولا يكون ذلك إلا ببرنامج يرسم خريطة طريق واضحة».