واس - مكة المكرمة، المدينة المنورة

قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ د. صالح بن حميد، إن العاجز من عجز عن سياسة نفسه، ومن ساء خلقه عذب نفسه، ومن عجائب أقدار الله: عثرة عاقل مع التوقي، وسلامة جاهل مع التفريط، فلله الحكمة البالغة، والمشيئة النافذة، حاثا على الإحسان وإن لم تلق العبد من الناس إحسانا، فالإحسان يقود إلى المحبة، والخلاف يقود إلى العداوة، والصدق يقود إلى الثقة، والكذب يقود إلى التهمة.

وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بالمسجد الحرام أن حسن ظننا بربنا أن المسلمين وقد جاءتهم هذه الجائحة فمنعتهم المجيء إلى مساجدهم، نحسب أنهم من الذين تعلقت بالمساجد قلوبهم، فكان فيهم هذا الشوق، ومنهم هذا الحنين، مؤكدا أن ذلك حب المساجد، حب بيوت الله، فالمؤمن يحب ما يحبه الله ورسوله، ويبغض ما يبغضه الله ورسوله، ومن أظهر دلائل الحب أن يكون الرجل معلقا قلبه بالمساجد.

مصانع الرجال

وبين أن المساجد في الإسلام هي مصانع الرجال، ومعامل الفتوة، بين صفوف المصلين، وفي محاريب الأئمة، تبنى مكارم الأخلاق، وتنسج خصال المروة، وتبلى معادن الرجال، فتزكو عقول الرواد، إنهم الرجال الذين يحكمون السيطرة على نفوسهم وأهوائهم، وعدم الانقياد وراء ملاذ النفوس وزخارف الدنيا، مؤكدا أن المسجد قلعة الإيمان، وحصن الفضيلة، وليس زاوية العاطلين، ولا متكأ المترهبنين، وهي قلاع شامخة، وحصون محصنة، تقي المسلم والمجتمع من مصارع السوء، وتحمي من مسالك الرذيلة، ودعاة الخبث والخبائث كما أن المسجد قلب المجتمع، ومركز البلد، وملتقى المؤمنين، فيه تتنزل الرحمات، وترتل الآيات، وتغفر الزلات، وبها يجتمع أولياؤه، وتذكر أسماؤه، وتوهب آلاؤه، وحث الجميع في هذه الأيام وفي هذه الظروف على الالتزام بالتعليمات وتطبيق التوجيهات والأخذ بالإرشادات حفاظا على السلامة العامة وصحة الجميع.

الغالي والنفيس

وأوضح أنه حين نزلت هذا الجائحة بالعالم كله اتخذت هذه الدولة المباركة إجراءات محكمة من أجل سلامة مواطنيها والمقيمين على أرضها، وبذلت في ذلك الغالي والنفيس مما يشهد به البعيد قبل القريب، فقد أدارت هذا الأزمة بكفاءة عالية منقطعة النظير، ومن ذلك أنها علقت العمرة، وقد حظي هذا القرار بالترحيب من جميع المسلمين أفرادا وهيئات ودولا. وحينما جاء هذا الموسم الكريم موسم الحج، والجائحة لا تزال جاثمة على العالم كله، ومعدلات الإصابة فيه بازدياد، حرصت كل الحرص على إقامة شعيرة الحج متخذة أعلى الاحتياطات وأدق الإجراءات لتقوم هذه الشعيرة، وقد استهدفت الدولة حفظها الله بهذا القرار أمرين هما: الأول: إقامة الشعيرة الثاني: المحافظة على أمن وسلامة الحجاج.

وبين أن الدولة -أعزها الله- وهي تتخذ هذه الإجراءات تستحضر حفظ الإسلام للنفس البشرية، كما تستحضر ما وجهت به الشريعة الغراء من اتخاذ الأسباب الوقائية وما يجب من احترازات من الأوبئة.

تهيئة الحرمين

وأبان أن المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- ترى من أوليات خدمتها الترحيب بالحجاج والعمار والزوار وقاصدي الحرمين الشريفين، حتى جعلت من خططها وسياستها استهداف استقبال ثلاثين مليون معتمر وزائر في العام خدمة للمسلمين تقديرا لمشاعرهم، وحرصهم، وتعلقهم بالحرمين الشريفين، وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المسلمين من أداء فريضة الحج، والعمرة، والزيارة، على أكمل وجه، من خلال تهيئة الحرمين الشريفين، وتحقيق رسالة الإسلام العالمية، وتقديم أفضل الخدمات قبل وصولهم، وأثناء إقامتهم، وحين مغادرتهم، تحقيقا للصورة المشرقة، والحضارية، والريادية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين.

النعم الدنيوية

وفي المدينة المنورة قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ: أعظم النعم الدنيوية نعمة العافية في الأبدان ومنحة الصحة للإنسان، لا تساويها نعمة من نعم الدنيا مهما عظمت ولذت -رزقنا الله جميعا الصحة والعافية- ولهذا لا يعرف حلاوة الصحة إلا من ذاق مرارة الأوجاع والأسقام -عافانا الله وإياك- السعيد الموفق من عرف النعم أثناء وجودها فقام بحقها وأحس بقيمتها، وبين أن من أوجب الشكر على نعمة الصحة، أن يستثمرها المسلم في طاعة الله، من أداء الواجبات والمحافظة على المأمورات والبعد عن القبائح والسيئات والمسابقة إلى النوافل والصالحات.