صفاء قره محمد - بيروت

يسير لبنان بسرعة قياسية نحو الهاوية التي يريدها حزب الله الإرهابي للقضاء على الدولة اللبنانية لمصلحة نظام الملالي، وتتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية للبنانيين، بينما الطبقة السياسية تقف عاجزة عن تقديم أي حلول، فيما تبخرت الآمال بدعم صندوق النقد الدولي، تتجه فرنسا الدولة الأوروبية الأقرب إلى لبنان للتخلي عن مبادراتها تجاه البلد الذي بات منكوبًا وعجزت سلطاته عن تنفيذ أي وعد بإصلاح لاستعادة الثقة المفقودة من المجتمع الدولي وحتى الدول الصديقة، وإلى الآن لا يبدو أن هناك أفقًا أو أملًا للخروج من الأزمة خاصة أن أركان الحكم ماضون في ترتيبات مصالحهم الخاصة.

وبحسب مصادر إعلامية لبنانية فإن المشهد اللبناني يزداد قتامة والترقب والهلع والتهافت على التموين والغاز والمحروقات، توحي بأجواء الحرب، وارتفاع سعر الدولار الجنوني وملامسته الـ9 آلاف ليرة لبنانية، دفع اللبنانيين لتخزين الخبز والمشتقات النفطية، لا سيما الغاز والمازوت، بينما فرغت رفوف المحال التجارية والسوبر ماركات من المواد الغذائية الأساسية، وكل الحاجات الضرورية للمواطنين.

وذكرت مصادر إعلامية أن بعض المحال التجارية أقفلت مع انهيار العملة وتقلص القدرة الشرائية للمواطنين مع ارتفاع أسعار جنوني طال كل السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية، وتتواصل التجمعات الاحتجاجية في جميع المناطق اللبنانية تطالب بإسقاط الحكومة وبانتخابات نيابية مبكرة وتتعالى الأصوات للتوجه نحو العصيان المدني ورفض دفع الفواتير والقروض والضرائب للدولة.

وقالت مصادر إعلامية لبنانية أمس إن فرنسا قررت أخيرًا التخلّي عن موقفها المتمايز عن باقي الدول والجهات الدوليّة المانحة، والذي أعطى لبنان أفضليّة واهتمامًا خاصًا، بالنظر إلى الروابط الثقافيّة والسياسيّة التاريخيّة بين الدولتين. ويبدو أن فرنسا باتت على قناعة بأن لبنان غير قادر في ظل التركيبة السياسيّة المسيطرة اليوم، على تنفيذ أي من الإصلاحات التي جرى الحديث عنها في مؤتمر سيدر. ناهيك عن الإجراءات التي سيطلبها منه صندوق النقد، في سياق المفاوضات الجارية للدخول في برنامج معه.

واعتبر مراقبون أن تبدل النظرة الفرنسية تجاه الأزمة اللبنانيّة ليس حدثًا عاديًا، خاصة أنها الدولة التي كانت عرّابة مؤتمر سيدر والدينامو السياسي، الذي أفضى إلى تشكيل حلقة من الداعمين المحتملين ماليًّا.

وكانت فرنسا أعطت العديد من الإشارات للبنان ليدرك أن الدعم لن يأتي من دون تنفيذ الإصلاحات الجديّة. وهو ما دفعهم سابقًا إلى ربط تقديم أي مساعدة من قبلهم بالدخول ببرنامج مع صندوق النقد، بما فيها قروض وهبات مؤتمر سيدر. وذلك لربط تقديم المساعدات بوجود طرف يملك الموارد والخبرة اللازمة لمراقبة أداء الحكومة اللبنانية بشكل دقيق. لكنّ فرنسا باتت تتحدّث اليوم عن «خيبة أمل» إزاء جميع تطوّرات الملف الاقتصادي اللبناني. ولعل مشاعر اليأس والإحباط التي بدأت تتسرّب إلى وفد صندوق النقد الدولي نفسه خلال الأيام الماضية، عززت من اعتقاد فرنسا بعدم وجود أفق لمساعيها على الساحة اللبنانيّة.