د. عبدالوهاب القحطاني

الحدث الأهم والأكبر والمتداول هذه الأيام في عالم البنوك والمال والأعمال في المملكة يتجسد في الاندماج المحتمل بين البنك الأهلي التجاري ومجموعة سامبا المالية، حيث أعلن البنك الأهلي التجاري عن توقيعه لاتفاقية إطارية مع مجموعة سامبا المالية بتاريخ 25 يونيو 2020م، وذلك لبدء البنكين بدراسات العناية المهنية اللازمة والتفاوض على الأحكام النهائية والملزمة فيما يتعلق بصفقة اندماج محتملة بين البنك الأهلي ومجموعة سامبا المالية. هذا الاندماج الأفقي بين البنكين إستراتيجية مناسبة جاءت في الوقت المناسب ليكون الاندماج بينهما إضافة نوعية قوية لقطاع المصارف في المملكة، خاصة في ضوء رؤية المملكة 2030 والتي تمضي قدما لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة بتوازن وثبات، وكذلك في ظل الظروف الاقتصادية العالمية القاسية نتيجة فيروس كورونا المستجد.

الهدف من الاندماج بين كل من البنك الأهلي التجاري ومجموعة سامبا المالية تآزري وتكاملي للاستفادة من قوة كل منهما معا من خلال ما يعرف بالاندماج الأفقي التآزري التكاملي الذي يجعل القوة المالية للكيان الجديد أكثر صلابة ومنافسة باندماجهما في ظل الانفتاح الاقتصادي للمملكة، ناهيك عن تلبية هذا الاندماج لمتطلبات رؤية 2030 الطموحة، وذلك من الناحية التوسعية المالية للبنوك لتقديم القروض للقطاعين الحكومي والخاص.

يعد الاندماج إحدى السياسات الإستراتيجية التي تتبعها الشركات للتغلب على المشاكل المالية والإدارية، لكن في حالة اندماج البنك الأهلي التجاري ومجموعة سامبا المالية الهدف واضح وهو توسعي تآزري استعدادا للمنافسة العالمية. تهدف سياسة الاندماج بين البنكين إلى التوسع في سوق المصارف من خلال كيان كبير يتمتع بقوة مالية وبشرية متميزة بمهارات وخبرات تجعله منافسا قادرا على النمو والاستدامة في الخدمات المصرفية على المستويين المحلي والعالمي. إستراتيجية التكامل والتآزر بين البنكين ضرورة في هذه المرحلة التحولية المتميزة للاقتصاد السعودي والتي تهدف إلى التحول من الاعتماد على النفط إلى تنويع مصادر الدخل في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات المالية من خلال شركات القطاع الخاص التي تحتاج للتمويل اللازم من البنوك المحلية.

بعض المؤسسات المالية حول العالم تندمج للتحكم في السوق، لكن الأنظمة في بعض تلك الدول تحد من الاحتكار لتفتح السوق أمام المنافسين لما لذلك من فوائد لتلك الشركات والمستفيدين من خدماتها من حيث جودة الأداء والسعر والمنافسة العادلة والابتكار والإبداع والحوكمة الفعالة. وقد ترفض الهيئات الحكومية الاندماج في تلك الدول إذا كان سينتج عنه احتكار يضر بالاقتصاد والمستهلك من حيث السعر والجودة، على سبيل المثال قانون شيرمان الأمريكي المنظم للمنافسة منذ عام 1890م، حيث يجرم الاحتكار ويعاقب المحتكر.

لا يؤدي الاندماج بين البنك الأهلي التجاري ومجموعة سامبا المالية إلى الاحتكار لأن عدد المصارف العاملة في المملكة كبير والباب مفتوح للمؤسسات المصرفية الأجنبية للدخول في سوق المصارف في المملكة. كذلك تحد الحوكمة الصارمة للمصارف في مؤسسة النقد العربي السعودي من الاحتكار الذي ربما يهدف إلى إخراج المنافسين من السوق.

الاندماج بين المؤسسات المالية والصناعية والتجارية في المملكة خطوة جيدة نحو قيام كيانات اقتصادية قوية تستطيع التوسع إقليميا وعالميا في عصر العولمة للاستفادة من نظرية اقتصاد الحجوم في تعاملاتها لأنها تقلل من التكلفة وتزيد في الكفاءة الإنتاجية والعائد الاستثماري، وتساهم في صورة ذهنية إيجابية لدى المستفيدين. لقد تبنت شركات عالمية الاندماج الأفقي لإعادة الهيكلة للتخلص من الموظفين الذين لا يضيفون لها ميزة تنافسية.

@dr_abdulwahhab