عبدالعزيز الذكير

يُحكى أن رجلا من أهل نجد زار بغداد قبل سنين، وأراد أن يشتري بطيخة من بائع عُرف بشراسته وضخامته، فتجادلا في السعر وفي الآخر رضخ المشتري وأخرج النقود وناولها البائع قائلا: سَمّ، وهي في عامية نجد القديمة تعني: خُذْ، أو تفضّل.

لم يفهمها البائع، ولم يسمع بها من قبل فظن أن المشتري يقصد دعوة بالعوار أو الموت مسموما، أي: الله يجعل هذه النقود سُمّا في بطنك.

استعد البائع وترك بضاعته وشمّر عن ساعدية، وقال سُمّ في بطنك، وكاد المشتري أن يقع على الأرض من الخوف مما سيأتي؛ لولا تفهّم المارة وفض الخلاف (المصطلحي)

في عامية نجد، وربما في كل لغة محكية توجد عباراة مجاملة نستعملها باللغة العامية أو المحكية، ربما لجاهزيتها ورواجها. لكن الكلمة تُصبح أذى لو ازدوج معناها وفهمها من قبل السامع.

أهل لبنان على سبيل المثال لا يستعملون قول كلمة آسف بالعربية ويستبدلونها بكلمة «سُوري» الإنجليزية، أو باردون الفرنسية، وتسبب ذلك الخلط في مشادات جرت بين الزوار من بادية الشام والمواطن اللبناني، خصوصا بعد كثرة اللاجئين في بيروت. وقيل إن لبنانيا أراد أن يعتذر من رجل من بدو الشام، فلما قال اللبناني «سوري» قال الطرف الآخر: نعم سوري وافتخر.

وعُرف عن أهل المنطقة الوسطى طبيعة تقل عند غيرهم مهما كانت الأرض التي هم عليها. وقصة مؤكدة جرت بأمريكا، حيث كانت الأم السعودية في زيارة لابنتها. وبينما هما بالسيارة التي تقودها الابنة أوقفهم شرطي مرور أسمر البشرة، وأراد أن يكتب مخالفة، وبدأت السائقة جدالا معه فقالت الأم لابنتها: انهي الموضوع وخذي المخالفة... وبالاش نِقْرهْ. تبادر إلى ذهن الشرطي أن الأم تقصد كلمة (نيغرو) Negro وهي مصطلح غير مقبول في القانون الأمريكي، ويعني (الأسود).

سجّل الشرطي دعوى قضائية على الراكب المرافق (الأم)، وقبل موعد النظر ساعدهم المكتب الثقافي وأُفهم الشاكي بأن الكلمة لا تعني مساسا بالشرطي على أساس اللون، وترجموا له حرفيا ما جاء على لسان الأم، فاقتنع وتنازل، ربما تفاديا لدفع رسوم الجلسة لو بطلتْ دعواه.

في بالي مثل عن اختلاف الدلالات في الوطن العربي.

معنى (يعطيك العافية) بالمغرب العربي: الله يدخلك نار جهنم

ومعناها بالمشرق العربي أو الخليج: شكرًا جزيلا لك

A_Althukair@